فِي قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ، أَوْ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، وَكَزِيَادَةِ جَامِدٍ فِي قَوْلِهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا: أَيْ لَا فِرَاقَ مِنْهَا أَوْ لَا مَحَالَةَ أَوْ لَا عِوَضَ (وَكَذَا مَا وَجَدْته مِنْ الْأَذْكَارِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَاعْتَمِدْهُ، فَإِنِّي حَقَّقْته مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ) فِي نَقْلِهِ كَالصَّحِيحَيْنِ وَبَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ لِاعْتِنَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ، بِخِلَافِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّمَا يَعْتَنُونَ بِمَعْنَاهُ غَالِبًا، وَإِنَّمَا خَاطَبَ النَّاظِرَ بِهَذَيْنِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُمَا وَقَعَا مِنْ النُّسَّاخِ أَوْ مِنْ الْمُصَنِّفِ سَهْوًا
(وَقَدْ أُقَدِّمُ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفَصْلِ لِمُنَاسَبَةٍ أَوْ اخْتِصَارٍ، وَرُبَّمَا قَدَّمْت فَصْلًا لِلْمُنَاسَبَةِ) كَتَقْدِيمِ فَصْلِ التَّخْيِيرِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى فَصْلِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ (وَأَرْجُو إنْ تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ) وَقَدْ تَمَّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ لِلْمُحَرَّرِ) أَيْ لِدَقَائِقِهِ وَخَفِيِّ أَلْفَاظِهِ، وَبَيَانِ مُهْمَلِ صَحِيحِهِ وَمَرَاتِبِ خِلَافِهِ، وَمُهْمَلِ خِلَافِهِ هَلْ هُوَ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ أَوْ طَرِيقَانِ، وَمَا يَحْتَاجُ مِنْ مَسَائِلِهِ إلَى قَيْدٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ تَصْوِيرٍ، وَمَا غَلِطَ فِيهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَمَا صَحَّحَ فِيهِ خِلَافَ الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَمَا أَخَلَّ بِهِ مِنْ الْفُرُوعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَإِنِّي لَا أَحْذِفُ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ أُسْقِطُ (مِنْهُ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ أَصْلًا) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأُصُولُ، إذْ رُبَّمَا حَذَفَ الْمُفَرَّعَاتِ انْتَهَى.
وَيُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ نَصْبِ قَوْلِهِ أَصْلًا عَلَى الْجَالِيَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْفِيِّ مَصْدَرًا: أَيْ مُسْتَأْصَلًا: أَيْ قَاطِعًا لِلْحَذْفِ مِنْ أَصْلِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ اسْتَأْصَلَهُ: قَطَعَهُ مِنْ أَصْلِهِ (وَلَا مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَ وَاهِيًا) أَيْ ضَعِيفًا جِدًّا مَجَازًا عَنْ السَّاقِطِ (مَعَ مَا) أَيْ أَتَى بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَصْحُوبًا بِمَا (أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ النَّفَائِسِ) الْمُتَقَدِّمَةِ (وَقَدْ شَرَعْت) مَعَ الشُّرُوعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِأَنَّ إطْلَاقَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا عِوَضَ) هِيَ أَلْفَاظٌ مُتَسَاوِيَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَذْكَارِ) جَمْعُ ذِكْرٍ، وَهُوَ لُغَةً: كُلُّ مَذْكُورٍ، وَشَرْعًا: قَوْلٌ سِيقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَطْفِ التَّغَايُرُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الدُّعَاءَ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ إنْ تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ) لَمْ يَقُلْ الْكِتَابَ مَعَ أَنَّهُ أَنْسَبُ، إذْ الْمَرْجُوُّ إتْمَامُ الْمُخْتَصَرِ وَمَا ضُمَّ إلَيْهِ لَا الْمُخْتَصَرُ فَقَطْ، كَمَا قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْلَى الْكِتَابُ مِنْهَا تَغْلِيبًا لِلْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا ضُمَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ وَضْعِ الْخُطْبَةِ عَلَى وَضْعِ الْكِتَابِ كَمَا يَأْتِي انْتَهَى بَكْرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَقَوْلُهُ عَلَى وَضْعِ الْكِتَابِ: أَيْ عَلَى وَضْعِ جُمْلَةِ الْكِتَابِ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنِّي لَا أَحْذِفُ) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ) أَيْ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا فِي الدَّقَائِقِ.
وَوَقَعَ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الْمُرَادَ لَفْظٌ ظَاهِرٌ فَقَطْ، وَمَثَّلَ بِهِ لِلْكَلِمَةِ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَا النَّحْوَ هُنَا عَلَى مَا فَوْقَ الْكَلِمَةِ: أَيْ مِمَّا لَيْسَ حُكْمًا مُسْتَقِلًّا حَتَّى لَا يَتَقَرَّرَ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ كَقَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ: وَلَا يَتَكَلَّمُ لِيَكُونَ الشَّيْخُ مُوفِيًا بِالتَّمْثِيلِ لِجَمِيعِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِلَّا فَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ حَمَلَ النَّحْوَ عَلَى الْحَرْفِ وَمَثَّلَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لِدَقَائِقِهِ) بَيَانٌ لِلْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْمُحَرَّرِ: فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ لِدَقَائِقِ الْمُحَرَّرِ إلَخْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ السِّوَادَةَ بِلَفْظِهَا هِيَ عِبَارَةُ الدَّقَائِقِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ: وَبَيَانُ مُهْمَلِ صَحِيحِهِ مَقْلُوبٌ عَنْ قَوْلِ الدَّقَائِقِ: وَمُهْمَلُ بَيَانِ صَحِيحِهِ. وَمَا فِي الدَّقَائِقِ هُوَ الصَّوَابُ، إذْ لَا يَصِحُّ تَسْلِيطُ شَرْحٍ عَلَى لَفْظِ بَيَانٍ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي فِي نُسَخِ الشَّيْخِ، فَلَعَلَّهَا تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاسِخِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَصْبِ قَوْلِهِ أَصْلًا عَلَى الْحَالِيَّةِ) أَيْ مِنْ شَيْئًا فَهِيَ حَالٌ مُقَيَّدَةٌ بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ، فَإِنَّهَا مِنْ الضَّمِيرِ الْفَاعِلِ فِي أَحْذِفُ فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْفِيِّ مَصْدَرًا: أَيْ مُسْتَأْصِلًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْفِيِّ مَصْدَرًا أَوْ حَالًا مُؤَكِّدَةً لِلَا أَحْذِفُ: أَيْ مُسْتَأْصِلًا قَاطِعًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْ مُسْتَأْصِلًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْحَالِيَّةِ، بَلْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ كَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِلْمَصْدَرِ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute