للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْمُخْتَصَرِ (فِي جَمْعِ جُزْءٍ لَطِيفٍ عَلَى صُورَةِ الشَّرْحِ لِدَقَائِقِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ) مِنْ جِهَةِ الِاخْتِصَارِ (وَمَقْصُودِي بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي الْعُدُولِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، وَفِي إلْحَاقِ قَيْدٍ أَوْ حَرْفٍ) فِي الْكَلَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَلِمَةُ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ، وَيَصِحُّ إبْقَاءُ الْحَرْفِ عَلَى بَابِهِ كَزِيَادَةِ الْهَمْزَةِ فِي " أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ " (أَوَ شَرَطَ لِلْمَسْأَلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا بَيَّنْته (وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا) أَيْ لَا غِنَى وَلَا مَنْدُوحَةَ عَنْهَا، وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ وَلَكِنَّهُ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ فِي زِيَادَةِ لَفْظَةِ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَيْضِ، فَإِذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُذْكَرْ قَبْلُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

(وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي) أَيْ اتِّكَالِي فِي تَمَامِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ بِأَنْ يُقْدِرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ كَمَا أَقْدَرَنِي عَلَى ابْتِدَائِهِ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ (وَإِلَيْهِ تَفْوِيضِي) وَهُوَ رَدُّ أَمْرِي إلَيْهِ وَبَرَاءَتِي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ (وَاسْتِنَادٌ) فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنْ قَصَدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَيْهِ، وَقَدَّمَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ، وَهَذَا الْكَلَامُ وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ خَبَرًا فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا التَّضَرُّعُ إلَى اللَّهِ وَالِالْتِجَاءُ إلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْجُمْلَةَ الْخَبَرِيَّةَ تُذْكَرُ لِأَغْرَاضٍ غَيْرِ إفَادَةِ مَضْمُونِهَا الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْخَبَرِ وَغَيْرُ لَازِمٍ فَائِدَةُ الْخَبَرِ، ثُمَّ قُدِّرَ وُقُوعُ الْمَطْلُوبِ بِرَجَاءِ الْإِجَابَةِ فَقَالَ (وَأَسْأَلُهُ النَّفْعَ بِهِ) أَيْ بِالْمُخْتَصَرِ فِي الْآخِرَةِ (لِي) بِتَأْلِيفِهِ (وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بَاقِيهمْ بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ الِاعْتِنَاءَ بِهِ بَعْضَهُمْ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ كَكِتَابَةٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَحَيْثُ قُصِدَتْ الْمُبَالَغَةُ فَلَا يَصِرْ حَذْفُهُ لِلْمُفَرَّعَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ عُمُومِ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: فِي الْكَلَامِ) قُدِّرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ لَا يَحْسُنُ تَعْلِيقُهُ بِالْمَسْأَلَةِ انْتَهَى عَمِيرَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّقَائِقِ النَّاشِئَةِ عَنْ الِاخْتِصَارِ انْتَهَى عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْدُوحَةَ) تَفْسِيرٌ لِلْأَغْنَى (قَوْلُهُ: وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي) اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْكَرِيمِ عَلَى أَقْوَالٍ: أَحْسَنُهَا مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَقْصِدِ الْأَسْنَى أَنَّ الْكَرِيمَ هُوَ الَّذِي إذَا قَدَرَ عَفَا، وَإِذَا وَعَدَ وَفَى، وَإِذَا أَعْطَى زَادَ عَلَى مُنْتَهَى الرَّجَا، وَلَا يُبَالِي كَمْ أَعْطَى وَلَا لِمَنْ أَعْطَى، وَإِنْ رَفَعْت حَاجَتَك إلَى غَيْرِهِ لَا يَرْضَى، وَإِنْ جَافَاهُ عَاتِبٌ وَمَا اسْتَقْصَى، وَلَا يَضِيعُ مَنْ لَاذَ بِهِ وَالْتَجَأَ، وَيُغْنِيهِ عَنْ الْوَسَائِلِ وَالشُّفَعَا، فَمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ ذَلِكَ لَا بِالتَّكَلُّفِ فَهُوَ الْكَرِيمُ الْمُطْلَقُ.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: الْكَرِيمُ الصَّفُوحُ عَنْ الذَّنْبِ. وَقِيلَ الْمُرْتَفِعُ، يُقَالُ فُلَانٌ أَكْرَمُ قَوْمِهِ: أَيْ أَرْفَعُهُمْ مَنْزِلَةً وَأَعْظَمُهُمْ قَدْرًا انْتَهَى مِنْ هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقْدِرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ مُضَارِعُ أَقْدَرَ لَا مُضَارِعَ التَّقْدِيرِ، إذْ يُقَالُ أَقْدَرَهُ اللَّهُ، وَقَوْلُهُ كَمَا أَقْدَرَنِي قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَرَاءَتِي مِنْ الْحَوْلِ) عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالِالْتِجَاءُ إلَيْهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ) فِيهِ رَمْزٌ إلَى سُؤَالِ تَقْدِيرِهِ: كَيْفَ قَالَ وَأَسْأَلُهُ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ، وَالسُّؤَالُ فِي النَّفْعِ بِالْمَعْدُومِ لَيْسَ مِنْ أَدَبِ الْعُقَلَاءِ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ بِسَبَبٍ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ قَالَ ذَلِكَ اهـ بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ الِاعْتِنَاءَ بِهِ) بَيَانٌ لِتَقْدِيرِ وَجْهِ عُمُومِ النَّفْعِ وَهُوَ وَاضِحٌ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ يُتَصَوَّرُ النَّفْعُ بِهِ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَ النَّوَوِيِّ؟ قُلْت: نَعَمْ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَتَعُودَ بَرَكَتُهُ عَلَى أَبِيهِ، أَوْ يَتَعَلَّمَ حُكْمًا مِنْهُ فَيَكُونَ كَذَلِكَ، أَوْ يَعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَيِّتَ تَنْفَعُهُ الصَّدَقَةُ وَالدُّعَاءُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ، وَعِبَارَتُهُ فِيمَا كَتَبَ عَلَى التُّحْفَةِ: قَوْلُهُ أَيْ مُسْتَأْصِلًا إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْحَالِ فَقَطْ، وَأَنَّ تَقْدِيرَ الْمَصْدَرِيَّةِ أُؤَصِّلُ عَدَمَ الْحَذْفِ أَصْلًا فَيَكُونُ أَصْلًا مَنْصُوبًا بِمَحْذُوفٍ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمَصْدَرِيَّةِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ مُرَادًا صَحَّتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ هُنَا وَإِلَّا فَيَجِبُ إصْلَاحُهَا (قَوْلُهُ: فِي الْآخِرَةِ) قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِي كَالْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ، فَاقْتَضَى أَنَّ النَّفْعَ الْحَاصِلَ بِهِ لِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ أُخْرَوِيٌّ فَنَفَعَ الْمُصَنِّفَ، وَلَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ إلَخْ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الْإِلْهَامِ الْمَذْكُورِ النَّفْعُ الْأُخْرَوِيُّ، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَخَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>