للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» وَلَا يُجْزِي الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ قَبْلَهُ أَيْضًا، لِأَنَّ رُوَاةَ الْقُنُوتِ بَعْدَهُ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ فَهُوَ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ وَأَكْثَرِهَا، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ، وَخَالَفَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِشَرَفِهَا، وَلِأَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَبِالتَّثْوِيبِ وَهِيَ أَقْصَرُ الْفَرَائِضِ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ أَلْيَقَ «وَهُوَ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت إلَى آخِرِهِ» كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَتَتِمَّتِهِ كَمَا فِي الشَّرْحِ «وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت فَإِنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت» قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ: «وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت قَبْلَ تَبَارَكْت وَتَعَالَيْت» .

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ وَبَعْدَهُ: «فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك» .

زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ مُسْتَحَبَّةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ) أَيْ مِنْ الْمَحْصُورِينَ الرَّاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ مَا فِي الْإِقْلِيدِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِي الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ فَيَقْنُتُ بَعْدَهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ نَوَى بِالْأَوَّلِ الْقُنُوتَ، وَكَذَا لَوْ قَنَتَ فِي الْأُولَى بِنِيَّتِهِ أَوْ ابْتَدَأَهُ فِيهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي ثُمَّ تَذَكَّرَ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ: وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنَّك تَقْضِي) لَيْسَتْ الْفَاءُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ عَنْ الشَّرْحِ بَلْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهَا فِيهِ حَيْثُ قَالَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ النَّسَائِيّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ: أَيْ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ فِي إنَّك وَوَاوٍ فِي إنَّهُ اهـ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ إنَّك بِحَذْفِ الْفَاءِ وَهِيَ تُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعِزُّ) هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَنَظَمَ ذَلِكَ السُّيُوطِيّ مَعَ بَقِيَّةِ مَعَانِي عَزَّ فَقَالَ:

عَزَّ الْمُضَاعَفُ يَأْتِي فِي مُضَارِعِهِ ... تَثْلِيثُ عَيْنٍ بِفَرْقٍ جَاءَ مَشْهُورَا

فَمَا كَقَلَّ وَضِدُّ الذُّلِّ مَعْ عِظَمٍ ... كَذَا كُرِّمْتَ عَلَيْنَا جَاءَ مَكْسُورَا

وَمَا كَعَزَّ عَلَيْنَا الْحَالُ أَيْ صَعُبَتْ ... فَافْتَحْ مُضَارِعَهُ إنْ كُنْتَ نِحْرِيرَا

وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَفْعَالُ لَازِمَةٌ ... وَاضْمُمْ مُضَارِعَ فِعْلٍ لَيْسَ مَقْصُورَا

عَزَزْت زَيْدًا بِمَعْنَى قَدْ غَلَبْت كَذَا ... أَعَنْته فَكِلَا ذَا جَاءَ مَأْثُورَا

وَقُلْ إذَا كُنْت فِي ذِكْرِ الْقُنُوتِ وَلَا ... يَعِزُّ يَا رَبُّ مَنْ عَادَيْت مَكْسُورَا

وَقَوْلُهُ عَزَزْت بَيَّنَ بِهِ الْمُتَعَدِّيَ الَّذِي تُضَمُّ عَيْنُهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ) هُوَ شَامِلٌ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ حَمِدَ عَلَى قَضَاءِ الشَّرِّ وَقَدْ طَلَبَ رَفْعَهُ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ وَقِنِي إلَخْ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي طَلَبَ رَفْعَهُ فِيمَا مَضَى هُوَ الْمَقْضِيُّ مِنْ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ، وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ هُنَا هُوَ الْقَضَاءُ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ تَعَالَى وَكُلُّهَا جَمِيلَةٌ يُطْلَبُ الثَّنَاءُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَلَكَ الْحَمْدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَآخَرُونَ مُسْتَحَبَّةٌ) قَالَ حَجّ: بَلْ قَالَ جَمْعٌ إنَّهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا يَزِيدُ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ، وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَيْضًا، وَمُخْتَارُ الشَّارِحِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ طَلَبُ الرَّاتِبِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ كَمَا هُوَ نَصُّ عِبَارَتِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي اخْتِيَارِهِ لَهُ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ وَيُمْكِنُ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِشَرَفِهَا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَنَّهُ جَعَلَ الْحِكْمَةَ مَجْمُوعَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَبِالتَّثْوِيبِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُؤَذِّنُ كَالظَّرْفِ قَبْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>