بُطْلَانُهَا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْقُنُوتِ مِمَّا لَمْ يُرِدْ الشَّرْعُ بِتَطْوِيلِهِ، إذْ الْبَغَوِيّ نَفْسُهُ الْقَائِلُ بِكَرَاهَةِ الْإِطَالَةِ قَائِلٌ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ (وَالصَّحِيحُ سَنُّ الصَّلَاةِ) وَالسَّلَامِ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِهِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ، وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالْأَصْحَابِ أَيْضًا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِمَنْ نَفَى سُنِّيَّةَ ذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَشْهَدَ الْإِسْنَوِيُّ لِسَنِّ الصَّلَاةِ بِالْآيَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ لِسَنِّ الْآلِ بِخَبَرِ «كَيْفُ نُصَلِّي عَلَيْك» وَلَا يُنَافِي ذِكْرُ الصَّحْبِ هُنَا إطْبَاقُهُمْ عَلَى عَدَمِ ذِكْرِهَا فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ، لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمْ ثَمَّ اقْتَصَرُوا عَلَى الْوَارِدِ هُنَا وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَيْهِ، بَلْ زَادُوا ذِكْرَ الْآلِ بَحْثًا فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لِمَا عَلِمْت، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ مُقَابَلَةَ الْآلِ بِآلِ إبْرَاهِيمَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ ثَمَّ تَقْتَضِي عَدَمَ التَّعَرُّضِ لِغَيْرِهِمْ وَهُنَا لَا مُقْتَضَى لِذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا تُسَنُّ بَلْ لَا تَجُوزُ حَتَّى تَبْطُلَ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهَا عَلَى وَجْهٍ لِأَنَّهُ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ عَنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا فِيمَا عَدَاهُ وَإِنْ قَالَ فِي الْعُدَّةِ لَا بَأْسَ بِهَا أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ لِوُرُودِ أَثَرٍ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِهِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِمَنْ قَرَأَ فِيهَا آيَةً مُتَضَمِّنَةً اسْمَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِهِ.
(وَ) يُسَنُّ (رَفْعُ يَدَيْهِ) فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ اتِّبَاعًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا.
وَحَاصِلُ مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلَيْنِ: فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّفْعَ سُنَّةٌ لِلِاتِّبَاعِ، وَأَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ الْقُنُوتِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ كَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ عَاقَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِعَائِقٍ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ أَعَاقَ لَقَالَ بِمُعِيقٍ أَوْ مَعُوقٍ (قَوْلُهُ فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لَمَّا عُلِمَتْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هُنَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ سَبَبُ قِيَاسِ الصَّحْبِ عَلَى الْآلِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَيُسَنُّ أَيْضًا السَّلَامُ وَذِكْرُ الْآلِ، وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَاسَ بِهِمْ الصَّحْبُ لِقَوْلِهِمْ يُسْتَفَادُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَنِّهَا عَلَى الْآلِ، لِأَنَّهَا إذَا سُنَّتْ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ مَنْ لَيْسُوا أَصْحَابَهُ فَعَلَى الصَّحَابَةِ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَفْتَى الْمُصَنِّفُ) ظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ مَا أَفْتَى بِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ بَيْنَ كَوْنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ أَوْ الضَّمِيرِ، لَكِنْ حَمَلَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ دُونَ مَا لَوْ كَانَتْ بِالضَّمِيرِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ طَلَبَهَا.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ) الْأَوْلَى وَسُنَّ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالصَّحِيحُ سَنُّ رَفْعِ يَدَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ ظَاهِرُهُ كَالْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يَرْفَعُ فِي جَمِيعِهِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي جَمِيعِ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَهُ لِلِاتِّبَاعِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ سَنِّهِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ الْقُنُوتِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ أَنَّ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْقَائِلِ يُسَنُّ الرَّفْعُ (قَوْلُهُ: كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ إلَخْ) مِنْ
[حاشية الرشيدي]
مَا سَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ) يَعْنِي: الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ، فَالْمَقِيسُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَصْحَابِ، وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ سَنُّهَا عَلَى الْآلِ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي قَرِيبًا: بَلْ زَادُوا ذِكْرَ الْآلِ بَحْثًا فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لِمَا عَلِمْت وَإِلَّا، فَهُوَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ مَا تَقَدَّمَ عِبَارَةٌ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْآلِ، وَيَكُونُ نَظَرُهُ سَبَقَ إلَى أَنَّهَا الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: عَنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا) لَا مَحَلَّ لِقَوْلِهِ عَدَمِ فَيَجِبُ حَذْفُهُ
(قَوْلُهُ: وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ) أَيْ: خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلَيْنِ) يَعْنِي: الِاتِّبَاعَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَقِبَ هَذَا وَالْقِيَاسَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ إلَخْ، لَكِنْ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْقِيَاسِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ، فَإِنَّ الَّذِي جَعَلَهُ مُسْتَنَدَ الْقِيَاسِ، وَهُوَ حَدِيثُ الْبَيْهَقِيّ كَافٍ فِي الِاتِّبَاعِ، فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute