نَعَمْ إنْ سَقَطَ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَصَدَ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا أَوْ لِجَنْبِهِ فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ فِيهِمَا فَيُعِيدُهُ بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقُومُ، فَإِنْ قَامَ عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ انْقَلَبَ بِنِيَّةِ السُّجُودِ أَوْ لَا بِنِيَّةِ شَيْءٍ أَوْ بِنِيَّتِهِ وَنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى فِي الْأَخِيرَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَإِنْ نَوَى صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا لِزِيَادَتِهِ فَضْلًا فِيهَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ مَنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الِافْتِتَاحَ وَالْهَوِيَّ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلِكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ دُخُولِهِ فِيهَا ثَمَّ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فِيهَا هُنَا فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا عَدَمُ قَصْدِهِ رُكْنَهَا وَلَا تَشْرِيكُهُ مَعَ غَيْرِهِ.
(وَأَنْ تَرْتَفِعَ أَسَافِلُهُ) أَيْ عَجِيزَتُهُ وَمَا حَوْلَهَا (عَلَى أَعَالِيهِ) مِنْ رَأْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا صَحَّ «عَنْ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ» ، فَلَوْ انْعَكَسَ أَوْ تَسَاوَيَا لَمْ يُجْزِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ارْتِفَاعِ ذَلِكَ لِمَيْلِهَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِنُدْرَتِهِ، وَالثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَجُوزُ مُسَاوَاتُهُمَا لِحُصُولِ اسْمِ السُّجُودِ، فَلَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِهِ صَادِقٌ بِمَسْأَلَةِ السُّقُوطِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهُ وَقَعَ هَوِيُّهُ لِلْغَيْرِ وَهُوَ الْإِلْجَاءُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِجَنْبِهِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُمْ لَوْ سَقَطَ لِجَنْبِهِ هَلْ الْجَنْبُ مِثَالٌ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثَالٌ، فَلَوْ سَقَطَ عَلَى ظَهْرِهِ وَقَفَاهُ جَرَى فِيهِ التَّفَاصِيلُ الْمَذْكُورَةُ فِي مَسْأَلَةِ السُّقُوطِ عَلَى الْجَنْبِ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ فَلْيُرَاجَعْ وَلِيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ فِيهِمَا) عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ حَجّ: وَبَعْدَ أَدْنَى رُفِعَ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى صَرْفَهُ) أَيْ الِانْقِلَابِ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَتِهِ فِعْلًا) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجِ هَذَا التَّعْلِيلِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ تَعْلِيلِ أَنَّ نِيَّتَهُ الِاسْتِقَامَةُ فَقَطْ لَا يُجْزِيهِ مَعَهَا السُّجُودُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي نِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ صَرْفٌ عَنْ السُّجُودِ فَقَدْ زَادَ فِعْلًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِلِاسْتِقَامَةِ فَيُعْذَرُ فِي قَصْدِهَا وَبِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى السُّجُودِ فَاغْتُفِرَ قَصْدُهَا، بِخِلَافِ قَصْدِ الصَّرْفِ عَنْ السُّجُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَقَدْ يُشِيرُ إلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ مَنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الِافْتِتَاحَ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَضُرَّ هُنَا تَشْرِيكُهُ بَيْنَ الِاسْتِقَامَةِ وَالسُّجُودِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَرْتَفِعَ أَسَافِلُهُ) أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ شَكَّ فِي ارْتِفَاعِهَا وَعَدَمِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مُؤَثِّرٌ إلَّا بَعْضَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَيْ عَجِيزَتُهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهَا تَغْلِيبٌ.
فَفِي الْمُخْتَارِ الْعَجُزُ بِضَمِّ الْجِيمِ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ عَوْدِ الضَّمِيرِ فَيُقَالُ عَجُزُهُ كَبِيرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ، وَلَا يُقَالُ عَجُزَتُهُ، وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا وَجَمْعُهُ أَعْجَازٌ، وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْأَسَافِلِ عَلَى الْيَدَيْنِ، لَكِنْ فِي حَجّ تَنْبِيهٌ: الْيَدَانِ مِنْ الْأَعَالِي كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّ الْأَسَافِلِ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ رَفْعُهَا عَلَى الْيَدَيْنِ أَيْضًا اهـ.
قَالَ سم عَلَيْهِ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْكَفَّانِ، وَنَقَلَ هُوَ عَنْهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعَالِي الرَّأْسُ وَالْمَنْكِبَانِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ عَلَى أَعَالِيهِ وَمِنْهَا الْيَدَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَاوَيَا لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ فِي الِانْعِكَاسِ قَطْعًا وَفِي الْمُسَاوَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: لِمَيْلِهَا) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ كَزَحْمَةٍ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَضِقْ، وَلَكِنْ لَمْ يُرْجَ التَّمَكُّنُ مِنْ السُّجُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُجْزِي قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ فَقَدَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ، فَإِنْ رَجَا ذَلِكَ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَى التَّمَكُّنِ أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ جَبْهَتِهِ أَوْ كَشْفُهَا لِنَحْوِ جِرَاحَةٍ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا
[حاشية الرشيدي]
لِلْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَبَعْدَ أَدْنَى رَفْعٍ فِي الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute