للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْتَفَعَتْ الْأَعَالِي لَمْ يَجُزْ جَزْمًا كَمَا لَوْ أُكِبَّ عَلَى وَجْهِهِ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ مَعَهَا إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ إلَّا بِوَضْعِ نَحْوِ وِسَادَةٍ وَجَبَ، أَنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ وَإِلَّا سُنَّ، وَلَا يَجِبُ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الِاعْتِمَادُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لِأَنَّهُ يَأْتِي مَعَهُ بِهَيْئَةِ الْقِيَامِ. بِخِلَافِ هُنَا فَلَا يَأْتِي بِهَيْئَةِ السُّجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ.

(وَأَكْمَلُهُ) أَيْ السُّجُودِ (يُكَبِّرُ) الْمُصَلِّي (لِهَوِيِّهِ) لِثُبُوتِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ (بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ لِوُرُودِ عَدَمِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ) وَقَدَمَيْهِ (ثُمَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (ثُمَّ) يَضَعُ (جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا أَبُو دَاوُد، وَيُكْرَهُ مُخَالَفَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَعَدَمُ وَضْعِ الْأَنْفِ وَيَضَعُ الْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ مَعًا كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَضْعُ الْأَنْفِ كَالْجَبْهَةِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ.

قَالُوا: وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ الْأَنْفِ عَلَى النَّدْبِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ رِوَايَاتِ الْأَنْفِ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.

وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إذَا لَوْ وَجَبَ وَضْعُهُ لَكَانَتْ الْأَعْظُمُ ثَمَانِيَةً فَيُنَافِي تَفْصِيلُ الْعَدَدِ مُجْمَلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ سَبْعَةُ أَعْظُمٍ (وَيَقُولُ) بَعْدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: (سُبْحَانَ رَبَّى الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ (وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَلَى الْمُقْتَدِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ) وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ «اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت، وَبِك آمَنْت، وَلَك أَسْلَمْت، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ تَبَارَكَ: بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، قَالَ فِيهَا: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ) اسْتِدْرَاكٌ يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمَتْنِ بِالْقَادِرِ (قَوْلُهُ: إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَفَى بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْعِصَابَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِوَضْعِ نَحْوِ وِسَادَةٍ) الْوِسَادُ وَالْوِسَادَةُ بِكَسْرِ الْوَاوِ فِيهِمَا الْمِخَدَّةُ وَالْجَمْعُ وَسَائِدُ وَوَسَّدَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: إنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ) قَالَ حَجّ: وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُمْ لَوْ عَجَزَ إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ بِهِ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ، وَجَبَ لِأَنَّهُ مَيْسُورُهُ اهـ لِأَنَّهُ هُنَا قَدَرَ عَلَى زِيَادَةِ الْقُرْبِ، وَثُمَّ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْوِسَادَةِ لَا الْقُرْبُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَعَ حُصُولِ التَّنْكِيسِ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ اهـ.

[فَرْعٌ] لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ التَّنْكِيسُ وَوَضْعُ الْأَعْضَاءِ فَهَلْ يُرَاعَى الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُرَاعَى التَّنْكِيسُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، بِخِلَافِ وَضْعِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُنَّ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ بَعْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ مِنْ الْأَرْكَانِ يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُمْكِنُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا) أَيْ حَصَلَ تَنْكِيسٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا سُنَّ وَلَا يَجِبُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَقَدَمَيْهِ) أَيْ أَطْرَافَهُمَا (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) أَيْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ أَشَارَ عِنْدَ ذِكْرِ الْجَبْهَةِ إلَى أَنْفِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَوَضْعُهُ الْقَدَمَ إلَخْ نَصُّهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ» اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلُهُ فَاسْتِفَادَةُ وُجُوبِ وَضْعِ الْأَنْفِ بِوَاسِطَةِ إشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِ لَا مِنْ اللَّفْظِ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) زَادَ حَجّ وَبِحَمْدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ) أَيْ أَنْتَ مُنَزَّهٌ عَنْ سَائِرِ النَّقَائِصِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) أَيْ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ الْمَذْكُورِ فِيهَا الْأَنْفُ بِدَلِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>