للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَكَذَا «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجُلَّهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك» .

وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ، وَخَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَتَعْظِيمُهُ، فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِشَيْءٍ خَضَعَ لَهُ سَائِرُ جَوَارِحِهِ، وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَيُكْثِرُ كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ الدُّعَاءَ فِيهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدُّعَاءَ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ،

وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ إذَا أَطَالَ إمَامُهُ سُجُودَهُ، وَتَخْصِيصُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الرُّكُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ (وَيَضَعُ يَدَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (حَذْوَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (مَنْكِبَيْهِ) أَيْ مُقَابِلَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ (وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً) وَمَكْشُوفَةً (لِلْقِبْلَةِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي النَّشْرِ الْبُخَارِيُّ، وَانْضَمَّ ابْنُ حِبَّانَ، وَكَوْنُهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ الْبَيْهَقِيُّ، وَيُسَنُّ رَفْعُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى رَاحَتَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَيُكْرَهُ بَسْطُهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ.

نَعَمْ لَوْ طَالَ سُجُودُهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى كَفَّيْهِ وَضَعَ سَاعِدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِحَدِيثٍ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُفَرِّقُ) الذَّكَرُ (رُكْبَتَيْهِ) وَيَكُونُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ قَدْرُ شِبْرٍ (وَيَرْفَعُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) لِلِاتِّبَاعِ إلَّا فِي رَفْعِ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ، وَإِلَّا فِي تَفْرِيقِ رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ فَبِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ عَائِدٌ لِلْجَمِيعِ (وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَبْلَغَ تَنْزِيهٍ وَمُتَطَهِّرٌ مِنْهَا أَبْلَغَ تَطْهِيرٍ، وَلَعَلَّهُ يَأْتِي بِهِ قَبْلَ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالتَّسْبِيحِ بَلْ هُوَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ) وَالْمُرَادُ بِهِ: أَيْ الرُّوحِ جِبْرِيلُ، وَقِيلَ مَلَكٌ لَهُ أَلْفُ رَأْسٍ لِكُلِّ رَأْسٍ مِائَةُ أَلْفِ وَجْهٍ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِائَةُ أَلْفِ فَمٍ فِي كُلِّ فَمٍ مِائَةُ أَلْفِ لِسَانٍ تُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ.

وَقِيلَ خَلْقٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ وَلَا تَرَاهُمْ، فَهُمْ لِلْمَلَائِكَةِ كَالْمَلَائِكَةِ لِبَنِي آدَمَ اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي) وَيَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (قَوْلُهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) كَالتَّأْكِيدِ لِمَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ كُلُّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَعُوذُ بِك مِنْك) مَعْنَاهُ أَسْتَعِينُ بِك عَلَى رَفْعِ غَضَبِك (قَوْلُهُ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك) تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي أَذْكَارِ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَزِيدُ فِيهِ كَالسُّجُودِ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي،

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ) أَيْ بِقَدْرِ رُكْنٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَتَعْظِيمُهُ) تَفْسِيرِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ فَلْيُرَاجَعْ.

وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ سَجَدَ الْفَانِي لِلْبَاقِي.

أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إخْبَارٌ مَحْضٌ، وَلَيْسَ الْفَانِي مَخْصُوصًا بِالْوَجْهِ حَتَّى يَكُونَ لَفْظُهُ مُسَاوِيًا لِلْوَارِدِ وَهُوَ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ إلَخْ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاجِدٌ) عِبَارَةُ حَجّ: إذَا كَانَ سَاجِدًا فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ) أَيْ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ: حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) عَبَّرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ عَنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ: وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى مَوْضِعِهِمَا فِي رَفْعِهِمَا (قَوْلُهُ: قَدْرَ شِبْرٍ) أَيْ فَيُقَاسُ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْمُرَادُ بِالشِّبْرِ الشِّبْرُ الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ (قَوْلُهُ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَكَذَا تَطْبِيقُ كَفِّهِ وَجَعْلُهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: فِي الرُّكُوعِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا فِي رَفْعِ الْبَطْنِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فِي تَفْرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: بَيْنَ قَدَمَيْهِ قَدْرُ شِبْرٍ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْرِدُ النَّصِّ وَغَيْرُهُ قَاسَ عَلَيْهِمَا الرُّكْبَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>