للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْك، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَعَلَيْنَا: أَيْ الْحَاضِرِينَ مِنْ إمَامٍ وَمُقْتَدٍ وَمَلَائِكَةٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالْعِبَادُ جَمْعُ عَبْدٍ وَالصَّالِحِينَ جَمْعُ صَالِحٍ وَهُوَ الْقَائِمُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، وَالرَّسُولُ مُبَلِّغٌ خَبَرَ مُرْسِلِهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُ التَّشَهُّدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُغَيِّرْ مَعْنَاهُ، فَإِنْ غَيَّرَ لَمْ يَصِحَّ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ.

أَمَّا مُوَالَاتُهُ فَشَرْطٌ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقِيلَ يُحْذَفُ وَبَرَكَاتُهُ) لِلْغِنَى عَنْهُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ (وَقِيلَ) يُحْذَفُ (الصَّالِحِينَ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِإِضَافَةِ الْعِبَادِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِانْصِرَافِهِ لِلصَّالِحَيْنِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ هُنَا فِي أَقَلِّ التَّشَهُّدِ مِنْ لَفْظَةِ وَبَرَكَاتُهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ بِتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ، إذْ لَيْسَ فِي تَشَهُّدِ عُمَرَ وَبَرَكَاتُهُ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ بِتَشَهُّدِ عُمَرَ بِكَمَالِهِ أَجْزَأَهُ، فَأَمَّا كَوْنُهُ يُحْذَفُ بَعْضُ تَشَهُّدِ عُمَرَ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَشَهُّدِ غَيْرِهِ وَيُحْذَفُ وَبَرَكَاتُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي تَشَهُّدِ عُمَرَ فَقَدْ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالتَّشَهُّدِ عَلَى حَالَةٍ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ الْمَرْوِيَّةِ (وَ) قِيلَ (يَقُولُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ) بَدَلَ وَأَشْهَدُ إلَخْ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ بِإِسْقَاطِ أَشْهَدُ الثَّانِيَةُ ضَعِيفٌ لِكَوْنِهَا ثَابِتَةً فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِقَوْلِهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ) يَقُولُ (وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنْ بِلَفْظِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَالْمُرَادُ إسْقَاطُ أَشْهَدُ أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّ الثَّابِتَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ: إحْدَاهَا وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الثَّانِيَةُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَعَالَى اهـ عَمِيرَةُ (قَوْله أَيْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْك) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْبَرَكَةُ وَالرَّحْمَةُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: بَرَكَةُ هَذَا الِاسْمِ مُحِيطَةٌ بِك (قَوْلُهُ: وَحُقُوقُ عِبَادِهِ إلَخْ) أَيْ فَمَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً فَقَدْ ظَلَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَمِيعَ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ بِمَنْعِ مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنْ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ: أَنَّ هَذَا مَعْنًى خَاصٌّ لَهُ، وَمَعْنَاهُ الْعَامُّ الْمُسَلَّمُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الظَّاهِرُ مَا فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ عُمُومُ الْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي طَلَبُ الدُّعَاءِ لِلْعُصَاةِ وَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ فِي مَقَامِ طَلَبِ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَالرَّسُولُ مُبَلِّغٌ خَبَرَ مُرْسِلِهِ) قَضِيَّتُهُ بَعْدَ الْأَمْرِ وَقَبْلَ التَّبْلِيغِ لَيْسَ رَسُولًا، وَتَعْرِيفُهُمْ الرَّسُولَ بِأَنَّهُ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ قَوْلُهُ مُبَلِّغٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ شَأْنِهِ التَّبْلِيغُ أَوْ بِأَنَّ ذَاكَ تَفْسِيرٌ لِلرَّسُولِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ) أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَانْظُرْ مَا كَانَ يَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ إذَا صَلَّى

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى حَذْفِ الْعَاطِفِ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِلتَّحِيَّاتِ لِكَوْنِهِ أَخَصَّ، وَلَا بَدَلَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى نِيَّةِ طَرْحِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَوْ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِيهِ مَعَ اشْتِرَاطِهِ لَهُ فِي الْفَاتِحَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْذِفُ الصَّالِحِينَ) الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ إثْبَاتُ وَاوِ الصَّالِحِينَ بِالْحُمْرَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَقِيلَ يُحْذَفُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقِيلِ يَقُولُ بِحَذْفِ وَبَرَكَاتُهُ أَيْضًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ حَلُّ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَالشِّهَابِ حَجّ حَيْثُ أَدْخَلَا وَاوَ الْمَتْنِ عَلَى قَوْلِهِمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الرَّدِّ لِمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَذْهَبْ إلَى وُجُوبِ الْتِزَامِ رِوَايَةٍ بِخُصُوصِهَا وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْضُ إسْقَاطِ مَا وَرَدَ إسْقَاطُهُ فِي الرِّوَايَاتِ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَشَهَّدَ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ إسْقَاطُ وَبَرَكَاتُهُ يَكْفِيهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ تَشَهُّدَ عُمَرَ فِيهِ وَبَرَكَاتُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَيَقُولُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ) سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ اعْتِمَادُهُ قَرِيبًا تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ اسْتِدْرَاكَ الْمُصَنِّفِ رَاجِعًا لِمَا مَرَّ فِي أَقَلِّ التَّشَهُّدِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ الْجَلَالِ، بِخِلَافِ الشِّهَابِ حَجّ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ رَاجِعًا إلَى الْقِيلِ قَبْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>