إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ وَيَسْتَعِيذَ مِنْ الْعَذَابِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ فَإِنْ مَرَّ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ سَبَّحَ، أَوْ بِآيَةٍ مِثْلَ تَفَكَّرَ، وَإِذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨] سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَإِذَا قَرَأَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٥] يَقُولُ آمَنْت بِاَللَّهِ، وَإِذَا قَرَأَ {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: ٣٠] يَقُولُ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
(وَ) يُسَنُّ تَدَبُّرُ (الذِّكْرِ) قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ فَلَوْ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِذَلِكَ الْمَقَامِ كَانَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ أَوْ فِي مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (وَ) يُسَنُّ (دُخُولُهُ الصَّلَاةَ بِنَشَاطٍ) لِأَنَّ اللَّهَ ذَمَّ تَارِكَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] وَالْكَسَلُ، الْفُتُورُ عَنْ الشَّيْءِ، وَالْتَوَانِي فِيهِ وَهُوَ ضِدُّ النَّشَاطِ (وَفَرَاغِ قَلْبٍ) عَنْ الشَّوَاغِلِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَدْعَى لِتَحْصِيلِ الْغَرَضِ، فَإِذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ كَذَلِكَ انْفَتَحَ لَهُ فِيهَا مِنْ الْمَعَارِفِ مَا يَقْصُرُ عَنْهُ فَهْمُ كُلِّ عَارِفٍ وَلِذَلِكَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» وَمِثْلُ هَذِهِ هِيَ الَّتِي تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ.
(وَ) يُسَنُّ (جَعْلُ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ) وَفَوْقَ سُرَّتِهِ فِي قِيَامِهِ أَوْ بَدَلَهُ لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحِكْمَةُ جَعْلِهِمَا تَحْتَ صَدْرِهِ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ مِمَّا يَلِي الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ، وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ (آخِذًا بِيَمِينِهِ يَسَارَهُ) بِأَنْ يَقْبِضَ يَمِينَهُ كُوعَ يَسَارِهِ وَبَعْضَ مَا عَدَاهَا وَرُسْغِهَا، رَوَى بَعْضَهُ مُسْلِمٌ وَبَعْضَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَاقِي أَبُو دَاوُد، وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَسْطِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى فِي عَرْضِ الْمِفْصَلِ وَبَيْنَ نَشْرِهَا صَوْبَ السَّاعِدِ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ قَدْ يُوهِمُ اعْتِمَادَهُ وَمِنْ ثَمَّ اغْتَرَّ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرِّجُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ وَسَطًا كَمَا هُوَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّأَنِّي فِي إخْرَاجِ الْحُرُوفِ، وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ: أَيْ فَنِصْفُ السُّورَةِ مَثَلًا مَعَ التَّرْتِيلِ أَفْضَلُ مِنْ تَمَامِهَا بِدُونِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَا طُلِبَ بِخُصُوصِهِ كَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ إتْمَامَهَا مَعَ الْإِسْرَاعِ لِتَحْصِيلِهِ سُنِّيَّةِ قِرَاءَتِهَا أَفْضَلُ مِنْ أَكْثَرِهَا مَعَ التَّأَنِّي فِي الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ) أَيْ وَلَا يَنْقُصُ بِذَلِكَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ بَلْ يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ ثَوَابِ الدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ إذَا لَمْ تَكُنْ آيَةَ الرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ فِي شَيْءٍ قَرَأَهُ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي بِهِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الْمُوَالَاةَ (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَلَى) أَيْ يَقُولُهَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ سِرًّا كَالتَّسْبِيحِ وَأَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ الْآتِيَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَرَّ الْإِمَامُ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَوْ عَذَابٍ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِالسُّؤَالِ، وَيُوَافِقُهُ الْمَأْمُومُ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَيَقُولُ الثَّنَاءُ إلَخْ، وَإِذَا سَأَلَ أَيْ الْإِمَامُ الرَّحْمَةَ أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ اهـ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ.
(قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ) قَالَ حَجّ: قَضِيَّتُهُ حُصُولُ ثَوَابِهِ وَإِنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَا يَأْتِي هَذَا فِي الْقُرْآنِ الْمُتَعَبَّدِ بِلَفْظِهِ فَأُثِيبَ قَارِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الذِّكْرِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَمِنْ الْوَجْهِ الْكَافِي أَنْ يَتَصَوَّرَ أَنَّ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَنَحْوَهُمَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَثَنَاءً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ ذِكْرَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَالْخُشُوعُ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ) أَيْ الشَّرِيفَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ) أَيْ وَهُوَ مَكْرُوهٌ.
(قَوْلُهُ: رَوَى بَعْضَهُ مُسْلِمٌ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ جُزْءٍ، فَفِي الْمَحَلِّيِّ: وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى» زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ " عَلَى صَدْرِهِ " أَيْ آخِرِهِ فَيَكُونُ آخَرُ الْيَدِ تَحْتَهُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ لِلْإِتْبَاعِ الثَّابِتِ مِنْ مَجْمُوعِ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: صَوْبَ السَّاعِدِ) قَالَ حَجّ: وَقِيلَ يَقْبِضُ كُوعَهُ بِإِبْهَامِهِ وَكُرْسُوعِهِ بِخِنْصَرِهِ وَيُرْسِلُ الْبَاقِيَ صَوْبَ السَّاعِدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنْ يَقْبِضَ بِيَمِينِهِ كُوعَ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرِّجَ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُمُّ أَصَابِعَ الْيُمْنَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .