وَفِي رِوَايَةٍ «نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ» مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ الْمُصَلِّي بِسُنَّةِ الِاعْتِمَادِ الْمَارِّ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ رَفْعَ يَدَيْهِ وَيَعْتَمِدَ بِهِمَا عَلَى فَخُذِيهِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى النُّهُوضِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ أَيْضًا إطْلَاقُ ابْنِ الصَّبَّاغِ اسْتِحْبَابَ رَفْعِ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ. (وَ) يُسَنُّ (تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ) رَكْعَتِهِ (الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ) (فِي الْأَصَحِّ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ النَّشَاطَ فِيهَا أَكْثَرُ فَخُفِّفَ فِي غَيْرِهَا حَذَرًا مِنْ الْمَلَلِ.
وَالثَّانِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ أَوْ لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ خِلَافَهُ، أَمَّا مَا فِيهِ نَصٌّ بِتَطْوِيلِ الْأُولَى كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْقِرَاءَةِ بِالسَّجْدَةِ وَهَلْ أَتَى فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ، أَوْ بِتَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ كَسَبَّحَ، وَهَلْ أَتَاك فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ فَيُتَّبَعُ، أَوْ الْمَصْلَحَةُ فِي خِلَافِهِ كَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِلْإِمَامِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّخْفِيفُ فِي الْأُولَى وَالتَّطْوِيلُ فِي الثَّانِيَةِ حَتَّى تَأَتَّى الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفَتَيْنِ التَّخْفِيفُ فِي الثَّانِيَةِ لِئَلَّا يَطُولَ بِالِانْتِظَارِ.
(وَ) يُسَنُّ (الذِّكْرُ) وَالدُّعَاءُ (بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَالْإِكْثَارُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ مِنْهَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ) هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ مُغَايَرَةَ الدُّعَاءِ لِلذِّكْرِ.
وَفِي حَجّ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا وَجَدْته مِنْ الْأَذْكَارِ مَا نَصُّهُ: وَهُوَ أَيْ الذِّكْرُ لُغَةً: كُلُّ مَذْكُورٍ، وَشَرْعًا: قَوْلٌ سَبَقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ، وَعَلَيْهِ فَالذِّكْرُ شَامِلٌ لِلدُّعَاءِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَالدُّعَاءُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِ إيضَاحًا.
وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَهَا رَاتِبَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا شَرْحُ رَوْضٍ: أَيْ فَلَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ الرَّاتِبَةِ فَهَلْ يَحْصُلُ أَوْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ.
أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِطُولِ الْفَصْلِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا) قَالَ الْبَكْرِيُّ فِي الْكَنْزِ: وَيُنْدَبُ عَقِبَ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنْ يَبْدَأَ بِاسْتِغْفَارٍ ثَلَاثًا ثُمَّ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَخْ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت، وَلَا رَادَّ لِمَا قَضَيْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ، وَيَخْتِمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ ثُمَّ يَدْعُو.
فُهِمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ التَّسْبِيحُ وَصَلَاةُ الظُّهْرِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ تَقْدِيمَ الظُّهْرِ وَإِنْ فَاتَهُ التَّسْبِيحُ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ عَلَى التَّسْبِيحِ فَيَقْرَؤُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ.
وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ السَّبْعِيَّاتِ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَى طَلَبِ الْفَوْرِ فِيهَا، وَلَكِنْ فِي ظَنِّي أَنَّ فِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّسْبِيحَ وَمَا مَعَهُ عَلَيْهَا، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ السَّبْعِيَّاتِ وَهُمْ الْقَلَاقِلُ عَلَى تَكْبِيرِ الْعِيدِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى فَوْرِيَّتِهَا، وَالتَّكْبِيرُ لَا يَفُوتُ بِطُولِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» ، وَاسْتَدَلَّ فِي الْخَادِمِ بِخَبَرِ مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثُ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ: وَيَأْتِي مِثْلَهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِيهِمَا: وَفِي مَتْنِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ «إذَا صَلَّيْتُمْ صَلَاةَ الْفَرْضِ فَقُولُوا عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَأَقَرَّهُ الْمُنَاوِيُّ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّسْبِيحَاتِ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ إلَخْ.
وَوَرَدَ أَيْضًا «أَنَّ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ غُفِرَ لَهُ» وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ سم فِي بَابِ الْجِهَادِ سُؤَالًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِقِرَاءَتِهَا هَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَلَا يَكُونُ مُفَوِّتًا لِلثَّوَابِ الْمَوْعُودِ بِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِأَمْرٍ وَاجِبٍ، أَوْ يُؤَخِّرُ إلَى الْفَرَاغِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ؟ ثُمَّ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا.
أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَحَمَلَ الْكُلُّ الْكَلَامَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ وَعَلَى مَا ذُكِرَ إذَا سَلَّمَ مِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .