للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ صَلَّى فِيمَا ظَنَّهُ طَاهِرًا مِمَّا ذُكِرَ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْمِيَاهِ حَيْثُ يُجَدِّدُهُ فِيهَا لِكُلِّ فَرْضٍ، إذْ بَقَاءُ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ بِمَنْزِلَةِ بَقَائِهِ مُتَطَهِّرًا، فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ عَمِلَ بِالثَّانِي فَيُصَلِّي فِي الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ كَمَا لَا تَجِبُ إعَادَةُ الْأُولَى، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِاجْتِهَادٍ بِخِلَافِ الْمِيَاهِ.

وَلَوْ غَسَلَ أَحَدَ ثَوْبَيْنِ بِاجْتِهَادٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا وَلَوْ مَعَ جَمْعِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ صَلَّى عَارِيًّا وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ؛ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ؛ وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا وَمَكَانًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ. وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ اثْنَانِ تَنَجَّسَ بَدَنُ أَحَدِهِمَا وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَحَدِهِمَا اجْتَهَدَ بَيْنَهُمَا وَعَمِلَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ، فَإِنْ صَلَّى خَلْفَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ إلَى الْآخَرِ جَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ، كَمَا لَوْ صَلَّى لِلْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَإِنْ تَحَيَّرَ صَلَّى مُنْفَرِدًا.

(وَلَوْ) (نَجِسَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا (بَعْضُ ثَوْبٍ أَوْ) بَعْضُ (بَدَنٍ) أَوْ مَكَان ضَيِّقٍ (وَجَهِلَ) ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ (وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ مَا بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ انْحِصَارَهَا فِي وَاحِدٍ مِنْ مُنْحَصِرَيْنِ كَأَحَدِ كُمَّيْهِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ مُقَدَّمِ الثَّوْبِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ سِوَى مَا أَشْكَلَ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ رَطْبٌ طَرَفًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنَ لَمْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ، وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الشَّقُّ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ، وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا اجْتِهَادٍ فِيهِ، وَالْأَحْسَنُ فِي ضَبْطِ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ ادَّعَى ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنْ بَلَغَتْ بِقَاعَ الْمَوْضِعِ لَوْ فُرِّقَتْ حَدَّ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمُنْحَصِرِ فَوَاسِعٌ، وَإِلَّا فَضَيِّقٌ، وَتُقَدَّرُ كُلُّ بُقْعَةٍ بِمَا يَسَعُ الْمُصَلِّي. انْتَهَى.

وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: إذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْمُتَّسَعِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَى أَنْ يَبْقَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُتَنَجِّسُ مِنْهُ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَزَادَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ عَلَى أُجْرَةِ السُّتْرَةِ وَعَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ وَعَلَى أُجْرَةِ مَنْ يَغْسِلُ مِنْهَا لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَمَنِ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ وَجَبَ قَطْعُهُ، وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْسُ الثَّوْبِ الَّذِي مَعَهُ، فَإِنْ نَقَصَ بِقَطْعِهِ فَوْقَ أُجْرَةِ الثَّوْبِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، وَثَمَنِ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُهُ بِهِ، وَأُجْرَةِ مَنْ يَغْسِلُهُ لَمْ يَجِبْ قَطْعُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَسَلَ أَحَدٌ ثَوْبَيْنِ بِاجْتِهَادٍ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِاجْتِهَادٍ مَا لَوْ هَجَمَ وَغَسَلَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِي الْقُدْوَةِ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِتَغَيُّرِ ظَنِّهِ صَارَ مُنْفَرِدًا بِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَحَيَّرَ صَلَّى مُنْفَرِدًا) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّحَيُّرُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ حُصُولِ الْقُدْوَةِ بِأَحَدِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ طَرَأَ التَّحَيُّرُ بِأَنْ شَكَّ فِي إمَامِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ طَهَارَةُ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ يُكْمِلُ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا.

(قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ هِرَّةٌ لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَةَ مَنْفَذِهِمَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ إذْ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَالْغَالِبُ النَّجَاسَةُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَةَ مَنْفَذِهِمَا مَا لَوْ عَلِمَهُ ثُمَّ غَابَتْ الْهِرَّةُ وَالطِّفْلُ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ غَسْلُ مَنْفَذِهِمَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمُصَلِّي وَلَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ مَا أَصَابَ مَنْفَذَهُمَا كَالْهِرَّةِ إذَا أَكَلَتْ فَأْرَةً ثُمَّ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ طُهْرُ فَمِهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَوْ مَكَان ضَيِّقٍ (قَوْلُهُ: وَالضِّيقُ بِالْعُرْفِ) أَيْ ضَبَطَهُ بِالْعُرْفِ وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ يُضْبَطَ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: إذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ) يُشْعِرُ بِأَنَّ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهِ خِلَافًا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

الطَّوَافِ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ هُنَا: وَلَمْ يَتَعَمَّدْ مُلَامَسَتَهُ

(قَوْلُهُ: وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُهُمَا بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَكَانٌ ضَيِّقٌ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>