الْوَفَاءِ، وَشِ مِنْ الْوَشْيِ (وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ إذْ الْمَدُّ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَالْمَمْدُودُ فِي الْحَقِيقَةِ حَرْفَانِ.
وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمَدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لِإِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَلَا تُعَدُّ حَرْفَيْنِ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ: أَيْ مَعَ حَرَكَةِ عُضْوٍ يَبْطُلُ تَحْرِيكُهُ ثَلَاثًا كَلِحَى لَا شَفَةَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ (وَالْأَنِينَ) وَالتَّأَوُّهَ (وَالنَّفْخَ) مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ (إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِوُجُودِ مُنَافِيهَا (وَإِلَّا فَلَا) تَبْطُلُ لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ كَلَامًا، وَلَا يَتَبَيَّنُ مِنْهُ حَرْفٌ مُحَقَّقٌ فَكَانَ شَبِيهًا بِالصَّوْتِ الْغُفْلِ، وَخَرَجَ بِالضَّحِكِ التَّبَسُّمُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا (وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ) عُرْفًا كَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي ضَبْطِ الْكَلِمَةِ لَا مَا ضَبَطَهَا بِهِ النُّحَاةُ وَاللُّغَوِيُّونَ.
(إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ لِعُذْرِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ النَّاسِي لِعَدَمِ قَصْدِهِ (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) لِعُذْرِهِ أَيْضًا، بِخِلَافِ نِسْيَانِ تَحْرِيمِهِ فِيهَا فَإِنَّهُ كَنِسْيَانِ نَجَاسَةِ نَحْوِ ثَوْبِهِ. وَلَوْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِكَلَامِهِ سَاهِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[تَنْبِيهٌ] هَلْ يُضْبَطُ النُّطْقُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ فَيَضُرُّ سَمَاعُ حَدِيدِ السَّمْعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. اهـ حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النُّطْقِ وَقَدْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا كَرُهَتْ بَعْدَ حَرْفٍ) أَيْ بِأَنْ أَتَى بِحَرْفٍ مَمْدُودٍ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَ كَرُهَتْ عَلَى حَرْفٍ قُرْآنِيٍّ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ) أَيْ الْحَرْفُ (قَوْلُهُ: لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بِالضَّحِكِ حَرْفٌ وَبِالْبُكَاءِ مَثَلًا حَرْفٌ آخَرُ لَا يَضُرُّ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْأَقْرَبُ الضَّرَرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا كَلَامٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُ التَّلَفُّظِ بِهِ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِحَرْفَيْنِ لِغَرَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى فِي حَلِّ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: أَيْ بِمَا ذُكِرَ؛ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ الْحَرْفَانِ بِسَبَبَيْنِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِدُونِ حَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ظَهَرَ حَرْفَانِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: الْغُفْلُ) هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَةِ وَالْفَاءِ السَّاكِنَةِ كَقُفْلٍ الْمُرَادُ بِهِ الصَّوْتُ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مِنْهُ حُرُوفٌ كَصَوْتِ الْبَهَائِمِ وَصَوْتِ الْمِزْمَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى حُرُوفٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ) أَيْ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: وَالنُّحَاةُ وَاللُّغَوِيُّونَ) مِنْ أَنَّهَا لَفْظٌ وُضِعَ لِمَعْنًى مُفْرَدٍ، وَعَلَى عَدَمِ الضَّبْطِ بِمَا ذُكِرَ يَدْخُلُ اللَّفْظُ الْمُهْمَلُ إذَا تَرَكَّبَ مِنْ حَرْفَيْنِ أَوْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا جُزْءَ كَلِمَةٍ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا كَلَامٌ كَثِيرٌ مُتَوَالٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْكَثِيرِ سَهْوًا، وَهُوَ مُبْطِلٌ، ثُمَّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ هُنَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْبُطْلَانَ فَأَكَلَ عَامِدًا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فَأَكْلُهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَيْهِ لِتَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى تَهَاوُنِهِ فَأَبْطَلَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَفَرْقٌ أَيْضًا بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ الْعَمْدِ كَالْحَرْفِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مُغْتَفَرٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ عَمْدًا فَإِنَّهُ غَيْرُ
[حاشية الرشيدي]
كَالضَّمَائِرِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَنْوَارِ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ بَصَقَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ صَدَرَ صَوْتٌ بِلَا هِجَاءٍ لَمْ تَبْطُلْ، لَكِنْ لَوْ صَدَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بَطَلَتْ انْتَهَتْ. وَإِنَّمَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَهُ نَحْوُ حَرَكَةِ عُضْوٍ يَبْطُلُ تَحْرِيكُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُنَاسِبُ إلَّا بَحْثَ الْأَفْعَالِ الْآتِي لِأَجْلِ تَقْيِيدِهِ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ مَمْدُودٌ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ غَيْرِهِ كَالْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي ضَبْطِ الْكَلِمَةِ) فَإِنَّهَا فِيهِ تَشْمَلُ نَحْوَ ضَرَبْتُك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute