للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً بِالْمَسْجِدِ وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» .

وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَهُمْ تَكَلَّمُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ ثُمَّ بَنَى هُوَ، وَهُمْ فِيهَا، وَأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ، أَوْ أَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغَلَبَةِ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِمَا (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْكَلَامِ فِيهَا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُغْتَفَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْعَصْرَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ الْعَصْرَ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْهُ فَوَصَلَ إلَيْهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً لَكِنَّهُ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْخُطُوَاتِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ) اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ، وَلَيْسَ هُوَ ذَا الشِّمَالَيْنِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ يَدَيْهِ كَانَ بِهِمَا طُولٌ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَذُو الْيَدَيْنِ لَقَبُ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ يَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَأَلِفٍ وَقَافٍ، لُقِّبَ بِذَلِكَ لِطُولِهِمَا.

(قَوْلُهُ: قَالُوا نَعَمْ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَنَّ كَلَامَ إلَخْ، وَلَعَلَّ تَعْبِيرَهُ بِالْجَمْعِ؛ لِكَوْنِ الْمَنْسُوبِ إلَى بَعْضِهِمْ كَالْمَنْسُوبِ إلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ) قَالَ سم: وَقَدْ اشْتَمَلَتْ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ عَلَى إتْيَانِهِ بِسِتِّ كَلِمَاتٍ فَيَضْبِطُ بِهَا الْكَلَامَ الْيَسِيرَ. اهـ. وَلَعَلَّهُ عَدَّ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ كَلِمَتَيْنِ وَأَمْ نَسِيتَ كَذَلِكَ وَيَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ صَلَاةِ نَحْوِ الْمُبَلِّغِ وَالْفَاتِحِ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ أَوْ الْفَتْحِ فَقَطْ، الْجَاهِلِ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِأَنْ سَمِعَ الْمَأْمُومُونَ صَوْتَ الْإِمَامِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ حِينَئِذٍ فَيَضُرُّ، وَقَوْلُهُ نَحْوُ الْمُبَلِّغِ: أَيْ كَالْإِمَامِ الَّذِي يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِإِعْلَامِ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَلَامَ فِيهَا) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ دُونَ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ إطْلَاقِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ: أَيْ إلَى مَنْ يَعْرِفُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ أَصَالَةً، بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إلَّا الْأَمْرَ الضَّرُورِيَّ لَا غَيْرُ فَيَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ، وَإِنْ بَعُدَ، وَلَا يَكُونُ نَحْوُ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ عُذْرًا لَهُ، وَيُكَلَّفُ بِبَيْعِ نَحْوِ قِنِّهِ الَّذِي لَا يَضْطَرُّ إلَيْهِ. اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُضْبَطُ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ: أَيْ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً م ر اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ عَلِمَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالسَّفَرِ. أَمَّا مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ، وَرَأَى أَهْلَهُ عَلَى حَالَةٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُجِيبَ هُمَا فَقَطْ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لَفْظُهَا «فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمَّا قَالَا كَمَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ قَامَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» انْتَهَتْ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ظَاهِرُهَا أَنَّهُمَا قَالَا مِثْلَ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: أَيْ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَأَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغَلَبَةِ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمَا أَجَابَاهُ بِقَوْلِهِمَا نَعَمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِثْلَ مَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ مَقُولُ قَوْلِهِمَا: أَيْ إنَّهُمَا قَالَا هَذَا اللَّفْظُ: أَيْ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ فَلَا يُنَافِي جَوَابَ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَلَامُ فِيهَا) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَيْ مَا أَتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>