لَا تَبْطُلُ كَالنَّاسِي. أَمَّا الْكَثِيرُ فَتَبْطُلُ بِهِ جَزْمًا وَلَيْسَ مِنْهُ غَصْبُ السُّتْرَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ وَفِيهِ غَرَضٌ.
(وَلَوْ) (نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ) أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ كَثِيرٍ (بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: ١٢] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُهُ فِي أَخْذِ مَا يُرِيدُ أَخْذَهُ وَكَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: ٤٦] أَوْ لِمَنْ يَنْهَاهُ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: ٢٩] (إنْ قَصَدَ مَعَهُ) أَيْ التَّفْهِيمَ (قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّهُ قُرْآنٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ.
وَمَا تَقَرَّرَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ مَتَى وُجِدَتْ صَرَفَتْهُ إلَيْهَا مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَهُ عَنْهَا، وَفِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَأَثَّرَتْ، وَادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ دُخُولَ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا نُوزِعَ فِي الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ التَّقْسِيمِ وَقَعَ فِيمَا قَصَدَ بِهِ التَّفْهِيمَ فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ وَحْدَهَا وَلَا الْإِطْلَاقَ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا عَرَفَ أَنَّ قَصْدَهُ مَعَ الْقِرَاءَةِ لَا يَضُرُّ فَقَصْدُهَا وَحْدَهَا أَوْلَى، وَبِأَنَّ إلَّا تَشْمَلُ نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الْمُقَسِّمِ وَقَيْدَ الْمُقَسِّمَ، وَلَعَلَّهُ مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ فِي تَصْرِيحِهِ بِشُمُولِ الْمَتْنِ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَى تِلْكَ الْآيَةِ أَمْ أَنْشَأَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ، وَإِلَّا فَيَضُرُّ، وَسَوَاءٌ مَا يَصِحُّ لِلتَّخَاطُبِ وَمَا لَا يَصِحُّ لَهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ.
وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِالذِّكْرِ كَانَ ارْتَجَّ عَلَيْهِ كَلِمَةٌ فِي نَحْوِ التَّشَهُّدِ فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ، وَالْجَهْرُ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْإِمَامِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّ مِثْلَ الْكَلَامِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الِاسْتِدْبَارِ لِلْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى الْأَكْلِ، وَجَعَلَهُ سم مُفَادًا لِقَوْلِ حَجّ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى نَحْوِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: غَصْبُ السُّتْرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْغَاصِبُ بِلَا فِعْلٍ مِنْ الْمُصَلِّي كَأَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ مَعْقُودَةً عَلَى الْمُصَلِّي فَيَكْفِهَا الْغَاصِبُ قَهْرًا عَلَيْهِ، أَوْ يُكْرِهُهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَهَا وَيُسَلِّمَهَا لَهُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى كَثْرَةِ وُقُوعِ الْعُذْرِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ إلَى ذَلِكَ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ ضَمَانِ الْوَدِيعِ إذَا أَكْرَهَهُ الْغَاصِبُ حَتَّى سَلَّمَهُ الْوَدِيعَةَ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى نَزْعِ السُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ غَرَضٌ) أَيْ لِلْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) يَنْبَغِي أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ بِأَنْ قَصَدَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ التَّفْهِيمِ وَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْقَصْدِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الصَّارِفِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَأَثَّرَتْ) أَيْ الْقَرِينَةُ (قَوْلُهُ: نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الْمُقْسِمِ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ وَقَوْلُهُ وَقَيْدِ الْمُقْسِمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَخُصُّونَ التَّفْصِيلَ بِمَا يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ سم عَلَى الْعُبَابِ.
وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْلَمَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ إلَخْ، ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ لَا فَرْقَ فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَيْنَ مَا يَصْلُحُ لِمُخَاطَبَةِ النَّاسِ وَمَا لَا يَصْلُحُ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ وَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ تَخْصِيصُ التَّفْضِيلِ بِمَا يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ تَجَرَّدَ لِقَصْدِ الْإِفْهَامِ، وَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ. اهـ (قَوْلُهُ: أُرْتِجَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: أُرْتِجَ عَلَى الْقَارِئِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا تَقُلْ ارْتَجَّ عَلَيْهِ بِالتَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ: بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَعْنَاهُ الْوُجُوبُ لِأَجْلِ الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ غَرَضٌ) أَيْ لِلْغَاصِبِ.
(قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ دُخُولَ هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ كَمَا ادَّعَى دُخُولَ صُورَةِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَعَلَّهُ مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ فَلَا يَشْمَلُ الْإِطْلَاقَ كَمَا لَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ لَا خُصُوصَ قَوْلِهِ وَبِأَنْ لَا إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَبْلَ وَإِلَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا بِالْمَنْطُوقِ وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ التَّفْهِيمَ وَالْقِرَاءَةَ، وَالْأُخْرَى بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ الْأَوْلَى وَهِيَ