للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ الْمُبَلِّغِ فَيَأْتِي فِيهِمَا التَّفْصِيلُ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ غَيَّرَ نَظْمَهُ بِقَوْلِهِ يَا إبْرَاهِيمُ سَلَامٌ كُنْ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ مُطْلَقًا. نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِكُلِّ الْقِرَاءَةِ بِمُفْرَدِهَا لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ أَتَى بِهَا مَجْمُوعَةً فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْغَرَرِ؛ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ: لَوْ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: إنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا كَفَرَ.

وَيَأْتِي مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَ {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا} [البقرة: ١٠٢] ثُمَّ سَكَتَ طَوِيلًا: أَيْ زَائِدًا عَلَى سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ، وَعَيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهَا؛ وَلَوْ قَالَ قَالَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ أَوْ النَّبِيُّ كَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي، وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ، وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ دُونَ عَكْسِهِ.

وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ، أَوْ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ، فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ بَطَلَتْ: أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ. وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً، وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَلِهَذَا اعْتَرَضَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إطْلَاقَ مَا نَقَلَهُ فِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ التَّحَرُّمُ (قَوْلُهُ: مِنْ الصُّوَرِ) بَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الْقُرْآنَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي الْغَرَرِ) أَيْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِأُولَئِكَ إلَخْ الْقِرَاءَةَ مِنْ آيَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ) أَيْ الْمَرْوَزِيِّ، وَقَوْلُهُ إلَى أَنْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُهُ: إنْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَفْهَمَ أَنَّ قَدْرَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ لَا يَضُرُّ مَعَهَا الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهَا مُطْلَقًا.

وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَعَ قَصْرِ الزَّمَنِ لَا تُعَدُّ الْكَلِمَاتُ مُنْفَصِلًا بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَطَقَ بِقَوْلِهِ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ بِلَا سُكُوتٍ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَالَهُ مِنْ تِلَاوَةِ قَوْله تَعَالَى {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: ١١٩] (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ) وَمِثْلُهُ مُتَعَلِّقَاتُ الْقُرْآنِ الْمَحْذُوفَةُ: أَيْ كَقَوْلِهِ الْحَمْدُ كَائِنٌ لِلَّهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْهُ فَتَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِهَا عَمْدًا، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقُ اللَّفْظِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ) أَيْ فَتَبْطُلُ مَعَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ الْمُجَرَّدَ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ عِنْدَ قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ م ر يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ مَا يُنَاسِبُهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ اللَّهُ فَقَطْ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّعَجُّبَ ضَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ الثَّنَاءَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ كَأَنْ سَمِعَ أَمْرًا غَرِيبًا فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ عِنْدَ سَمَاعِهِ ذَلِكَ ضَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ.

وَوَقَعَ السُّؤَالُ بِالدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ يُصَلِّي فَوَضَعَ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ غَافِلٌ فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُ. فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الضَّرَرُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ. وَقِيَاسُهُ أَنَّ اللَّهَ مِثْلُهُ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ ضَرَبَتْهُ عَقْرَبٌ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ ضَرَبَتْهُ حَيَّةٌ بَطَلَتْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْرَبَ تُدْخِلُ سُمَّهَا إلَى دَاخِلِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهَا تَغْرِزُ إبْرَتَهَا فِي دَاخِلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا إذَا قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، وَمَا بَعْدَ وَإِلَّا يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ شُمُولِهَا لِنَفْيِ الْقَسَمِ وَالْمُقْسَمِ.

قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ أَوَاسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ) هَذَا خَاصٌّ بِإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَيَانِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً)

<<  <  ج: ص:  >  >>