للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِي حُرٌّ، وَالْإِيصَاءُ بِنَحْوِ لِفُلَانٍ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي قُرْبَةٍ فَنَذْرُ اللَّجَاجِ مُبْطَلٌ لِكَرَاهَتِهِ، وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَتَى بِهِ قَاصِدًا لِلْإِنْشَاءِ لَا الْإِخْبَارِ، وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ قُرْبَةٍ فَتَبْطُلُ بِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ مُحَرَّمًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ أَوْ كَانَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُتَرْجَمُ عَنْهُ وَارِدًا أَوْ وَرَدَ، وَهُوَ يُحْسِنُهَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي عَشَرَ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ النَّذْرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ بِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ وَالْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ وَكَذَا النِّعْمَةُ وَالْعَافِيَةُ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ، وَيُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ مَا أَتَى بِهِ خِطَابُ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلِكٍ وَنَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّنَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُخَاطَبَ) بِهِ (كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ رَحِمَك اللَّهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ نَذَرْت لَك بِكَذَا، أَوْ لِعَبْدِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَك فَتَبْطُلُ بِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ خِطَابَ مَا لَا يَعْقِلُ كَرَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك لِلْأَرْضِ، أَوْ آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك لِلْهِلَالِ، أَوْ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ، أَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ، وَرَحِمَك اللَّهُ لِمَيِّتٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ: قُلْت: قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ كَقَوْلِهِ لِلْعَاطِسِ رَحِمَك اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ، وَلِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: فَنَذْرُ اللَّجَاجِ) كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ) وَمِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ الْمَنْظُومُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ. اهـ. أَيْ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ الْمَكْرُوهَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَكْرُوهِ حَيْثُ بَطَلَتْ بِهِ ثُمَّ ظَفِرْتُ بِفَرْقٍ لِلشَّيْخِ حَمْدَانَ فِي مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ بَيْنَ بُطْلَانِهَا بِالنَّذْرِ الْمَكْرُوهِ وَعَدَمِهِ بِالْقِرَاءَةِ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ مَعَ كَرَاهَتِهَا فِيهِ وَنَصُّهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا لَمَّا انْتَفَتْ فِيهِ الْقُرْبَةُ مِنْ حَيْثُ لَفْظُهُ أَشْبَهَ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ فَأُبْطِلَ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِقَصْدِهَا، وَإِنْ انْتَفَتْ فِيهَا لِلْقُرْبَةِ مِنْ حَيْثُ وَضْعُهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَمْ تُخْرِجْ الْقُرْآنَ إلَى شِبْهِ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ. اهـ.

فَيُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا، وَيُقَالُ عُرُوضُ الْكَرَاهَةِ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا ذِكْرًا وَدُعَاءً كَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَارِدًا) أَيْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ) أَيْ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ إنْ قَصَدَ الدُّعَاءَ بِهِمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ) أَيْ الذِّكْرُ وَصُورَةُ الذِّكْرِ الْحَرَامِ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى أَلْفَاظٍ لَا يُعْرَفُ مَدْلُولُهَا كَمَا يَأْتِي بِهِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَيْ فَتَضُرُّ التَّرْجَمَةُ عَنْهَا (بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) بَيَانٌ لِمَا أَرَادَهُ مِنْ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَهِيَ تَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْإِمْدَادِ، وَمُرَادُهُ بِهِ الْوَصِيَّةُ وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَسَائِرُ الْقُرَبِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَا، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَا، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُعَبِّرَ بِهِ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: بِهِمَا) أَيْ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ: وَالْقُرْآنُ) أَيْ قَاصِدًا كَوْنَهُ مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ لَا عَلَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ وَنَبِيٍّ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَعْقِلُ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا دُعَاءٌ فِيهِ خِطَابٌ لِمَا لَا يَعْقِلُ وَمَثَّلَ لَهُ بِالْأَرْضِ وَالْهِلَالِ. ثُمَّ قَالَ: ثَانِيَتُهَا إذَا أَحَسَّ بِالشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِقَوْلِهِ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِخِطَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>