للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَشْبَاهُهُ.

وَالْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي تُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا، فَيُؤَوَّلُ الْحَدِيثُ: أَيْ الْوَارِدُ بِمُخَاطَبَةِ الشَّيْطَانِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. أَيْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ خُصُوصِيَّةً لَهُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ كَانَ نَفْسِيًّا لَا لَفْظِيًّا، وَإِنْ جَرَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الصُّوَرِ مِنْ الْبُطْلَانِ، أَمَّا خِطَابُ الْخَالِقِ كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَخِطَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ دَعَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَصْرِهِ مُصَلِّيًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْإِجَابَةِ وَكَثِيرِهَا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ.

وَلَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ تَحْرُمُ فِي الْفَرْضِ وَتَبْطُلُ بِهَا، وَتَجُوزُ فِي النَّفْلِ مَعَ بُطْلَانِهَا بِهَا، وَالْأَوْلَى الْإِجَابَةُ فِيهِ إنْ شَقَّ عَلَيْهِمَا عَدَمُهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَلَوْ رَأَى مُشْرِفًا عَلَى هَلَاكٍ كَأَعْمَى أَشْرَفَ عَلَى وُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ وَلَمْ يَحْصُلْ إنْذَارُهُ إلَّا بِالْكَلَامِ وَجَبَ وَتَبْطُلُ بِهِ، خِلَافًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: خُصُوصِيَّةً لَهُ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ أَوْ الْقِرَاءَةَ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَخِطَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَمَّا خِطَابُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَتَبْطُلُ بِهِ وَتَجِبُ إجَابَتُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُسَنَّ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الْخَطِيبِ أَنَّهُ تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَتَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِهِ) أَيْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ بِالْخِطَابِ هُوَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ الْخِطَابُ فِي دُعَاءٍ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا بِغَيْرِ الدُّعَاءِ كَأَنْ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ شَيْءٍ فَتَبْطُلُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ ابْتَدَأَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَضُرَّ الْخِطَابُ فِي جَوَابِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ دَعَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُوك، وَهُوَ فِي مَحَلِّ كَذَا فَذَهَبَ إلَيْهِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ ثَمَّ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (قَوْلُهُ: فِي عَصْرِهِ) هَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ سم (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا تَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ التَّأْمِينِ وَنَحْوِهِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ م ر: وَكَذَا الِاسْتِدْبَارُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي إجَابَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ بِهِ، قَالَ: وَإِذَا انْتَهَى غَرَضُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِيمَا وَصَلَ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا وَقَدْ تَأَخَّرَ عَنْ الْقَوْمِ بِسَبَبِ الْإِجَابَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَعُودَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ.

أَقُولُ: قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْمُفَارَقَةُ بِمُجَرَّدِ تَأَخُّرِهِ عَنْهُمْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْمُرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْعَوْدِ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ فَلَهُمْ الصَّبْرُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَانْظُرْ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَلَثمِائَةِ ذِرَاعٍ بِوَاسِطَةِ الْإِجَابَةِ عَلَى قِيَاسِ امْتِنَاعِ عَوْدِهِ لَوْ تَأَخَّرَ أَنْ تَجِبَ مُفَارَقَتُهُ أَوْ يَجُوزُ الْبَقَاءُ وَتُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا فِي الدَّوَامِ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَوْ زَالَتْ الرَّابِطَةُ فِي الدَّوَامِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَخَرَجَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى السَّيِّدُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، قَالَهُ م ر. وَالْكَلَامُ فِي إجَابَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ اجْتِمَاعُهُ بِهِ. اهـ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: فِي قِيَاسِ مَا قَدَّمَهُ الضَّرَرُ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ الضَّرَرِ كَمَا لَوْ زَادَتْ الصُّفُوفُ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ فَزَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْإِجَابَةِ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْإِجَابَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ زَادَ فِي الْجَوَابِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ لَهُ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى الْإِجَابَةُ فِيهِ) أَيْ فِي النَّفْلِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَا تَجِبُ فِي فَرْضٍ مُطْلَقًا بَلْ فِي نَفْلٍ إنْ تَأَذَّيَا بِعَدَمِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشَّيْطَانِ كَمَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ ذِكْرِهِ نَحْوُ مَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ لَفْظُهَا فَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَالْحَدِيثُ الْمُحْتَجُّ بِهِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ أَوْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ انْتَهَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>