وَزِرْنِيخٍ وَسِدْرٍ وَلَوْ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَغْسُولِ وَحَجَرٍ مَدْقُوقٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّغَيُّرُ حِسِّيًّا أَمْ تَقْدِيرِيًّا، فَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ طَاهِرٌ يُوَافِقُهُ فِي صِفَاتِهِ فُرِضَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ مُخَالِفًا فِي أَوْسَطِ الصِّفَاتِ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ وَطَعْمِ الرُّمَّانِ وَرِيحِ اللَّاذَنِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ الْأَشْبَهَ بِالْخَلِيطِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ جَمِيعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْمَحَلِّ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ السِّدْرُ مُخْتَلِطًا بِالْمَاءِ الَّذِي قُصِدَ التَّطْهِيرُ بِهِ أَوْ كَانَ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي قُصِدَ تَطْهِيرُهُ (قَوْلُهُ: الْمَغْسُولُ) هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ فِي السِّدْرِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالتَّنْظِيفِ بِهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أُرِيدَ تَطْهِيرُ السِّدْرِ نَفْسِهِ فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا فِي تَطْهِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَصْفِ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ قَدَّرَ فَغَيْرُ ضُرٍّ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ التَّقْدِيرِ وَاسْتِعْمَالُهُ، إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ شَاكٌّ فِي التَّغَيُّرِ الْمُضِرِّ وَالشَّكُّ لَا يَضُرُّ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ.
وَقَوْلُهُ الْمَفْقُودُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخَالِفْ الْمَاءَ فِي الْأَصْلِ إلَّا فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فُرِضَتْ دُونَ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ رِيحٌ وَفَقَدَ فَلَا يُقَدِّرُ غَيْرَهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ خِلَافُهُ، ثُمَّ قَضِيَّةُ تَأْخِيرِ قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ عَنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ تَفْرِيعُهُ عَلَيْهِمَا وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِكَلَامِ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ (قَوْلُهُ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ) أَيْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ (قَوْلُهُ: وَرِيحُ اللَّاذَنِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمَفْتُوحَةِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ
[حاشية الرشيدي]
أَنَّهُ يَنْسَلِخُ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ كُلِّيَّةً أَوْ يَزُولُ عَنْهُ وَصْفُ الْإِطْلَاقِ فَقَطْ بِأَنْ يَصِيرَ مُقَيَّدًا (قَوْلُهُ: فَرْضُ وَصْفِ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ) أَيْ بِعَرْضِ جَمِيعِ الْأَوْصَافِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ يُوَافِقُهُ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَائِعُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَصْفٌ مَثَلًا، فَفِقْدَانُهُ يُفْرَضُ بِعَرْضِ جَمِيعِ الصِّفَاتِ لَكِنَّ ذَلِكَ الْعَرْضَ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ الَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ، كَالرِّيحِ فِي الْمَاوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ، وَكَالطَّعْمِ الْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ، لَا أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ بَدَلٌ عَنْ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ وُجُودُهُ فِيهِ كَاللَّوْنِ فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ،؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفُقِدَ حَتَّى يُقَدَّرَ فَرَجَعَتْ عِبَارَتُهُ إلَى قَوْلِ الْعُبَابِ، وَلَوْ خَالَطَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ أَوْ الْكَثِيرَ مَائِعٌ طَاهِرٌ يُوَافِقُ أَوْصَافَهُ، أَوْ خَالَطَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ مُسْتَعْمَلٌ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ قُلَّتَيْنِ فُرِضَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ مُخَالِفًا وَسَطًا فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ انْتَهَى.
فَجُعِلَ الْفَرْضُ لِلْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بَدَلًا عَنْ خُصُوصِ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِهِ كَالشَّارِحِ أَنَّ الْمَائِعَ مُوَافِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ، وَوَجْهُهُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ، وَوَجْهُ تَقْدِيرِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا آلَ إلَى التَّقْدِيرِ سَلَكَ فِيهِ الِاحْتِيَاطَ، أَلَا تَرَى أَنَّ وَصْفَ النَّجَاسَةِ الْمَقْصُودَ يُقَدَّرُ بِالْأَشَدِّ وَإِنْ كَانَ تَأْثِيرُهُ أَضْعَافَ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي الشَّارِحِ كَالْعُبَابِ وَغَيْرِهِ تَعَرُّضٌ لِمَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ كَلَوْنِ مَا يُوَافِقُهُ فِي بَعْضِ أَوْصَافِهِ وَيُخَالِفُهُ فِي بَعْضِهَا، بَلْ كَلَامُهُمَا كَغَيْرِهِمَا يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ حِينَئِذٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ مِنْ الْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مِلْحٌ جَبَلِيٌّ مَثَلًا بَاقِي الطَّعْمِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بِطَعْمِهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ إلَّا هُوَ فِي الْوَاقِعِ أَنَّا نَفْرِضُ لَهُ لَوْنًا أَوْ رِيحًا مُخَالِفًا، وَكَلَامُهُمْ وَأَمْثِلَتُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ وَصْفٌ مَفْقُودٌ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ حَتَّى نُقَدِّرَ بَدَلَهُ، وَلَيْسَ الْمُخَالِطُ الطَّاهِرُ كَالنَّجَاسَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِيهَا الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّهَا إذَا وَافَقَتْ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَخَالَفَتْ فِي بَعْضِهَا أَنَّا نُقَدِّرُ فِي الْأَوْصَافِ الْمُوَافِقَةِ إذَا لَمْ تُغَيَّرْ بِالْمُخَالَفَةِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ غَلَطُ أَمْرِ النَّجَاسَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ هُوَ نَظِيرَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الشَّارِحِ مِنْ دَعْوَى التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِهِ، نَعَمْ تَأْخِيرُهُ قَوْلَةَ وَمَعْلُومٌ إلَى آخِرِهِ عَمَّا نَقَلَهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ يُوهِمُ جَرَيَانَهُ فِيهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: كَلَوْنِ الْعَصِيرِ) أَيْ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَحْمَرِ مَثَلًا لَا الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّا نَفْرِضُهُ مُخَالِفًا لِلْمَاءِ فِي اللَّوْنِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ إلَخْ) الَّذِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا بَعْدَ مَا مَرَّ نَقْلُهُ عَنْ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute