للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَائِقًا بِالْحَالِ بَلْ اللَّائِقُ الِاسْتِغْفَارُ، وَسَكَتُوا عَنْ الذِّكْرِ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالذِّكْرِ بَيْنَ سَجْدَتَيْ صُلْبِ الصَّلَاةِ.

فَلَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ السَّجْدَةِ أَوْ الْجُلُوسِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِخْلَالَ بِهِ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ مَعَهُ وَفَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَرَأَ لَهُ أَثْنَاءَ فِعْلِهِ الْإِخْلَالَ بِهِ، وَأَنَّهُ يُتْرَكُ فَتَرَكَهُ فَوْرًا لَمْ تَبْطُلْ، وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْإِسْنَوِيِّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ؛ وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا يَرُدُّهُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ. وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَفِي نِزَاعٍ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وُجُوبُ النِّيَّةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: أَيْ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فِيمَا يَظْهَرُ لَا عَلَى الْمَأْمُومِ وَهِيَ الْقَصْدُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ فِيهَا لِلتَّحَرُّمِ حَتَّى يَجِبَ قَرْنُهَا بِهِ، وَوُجُوبُ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى فِي مُخْتَصَرِ التَّبْرِيزِيِّ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِمَا حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ، إذْ قَوْلُهُمْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ السُّجُودِ لِذَلِكَ إلَّا بِقَصْدِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَا تَشْمَلُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ، وَدَعْوَى تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ مَمْنُوعَةٌ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ لَا تَجِبُ فَضَعِيفٌ، إلَّا أَنْ تُحْمَلَ النِّيَّةُ فِيهِ عَلَى التَّحَرُّمِ.

وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مَعْنَى النِّيَّةِ الْمُثْبَتِ وُجُوبِهَا هُنَا قَصْدُ السُّجُودِ عَنْ خُصُوصِ السَّهْوِ، وَالْمَنْفِيَّ وُجُوبَهَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ قَصْدُهُ عَنْهَا فَمُطْلَقُ قَصْدِهِ يَكْفِي فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ، وَأَنَّهُ يُرَدُّ بِهَذَا عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ اتِّحَادَ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ مُطْلَقُ الْقَصْدِ فِي الْبَابَيْنِ، فَاعْتَرَضَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّوَابَ وُجُوبُهَا فِيهِمَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الِاعْتِدَادُ بِسُجُودِهِ بِلَا قَصْدٍ.

قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَا تَجِبُ نِيَّةُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ ضَعِيفٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا تَحَرُّمٌ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ مَعْنَاهَا هُنَا الْمُفَارِقِ لِمَعْنَاهَا ثُمَّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ فَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ. وَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهَا بِالتَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ فِيهَا إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ سُجُودِ السَّهْوِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِزِيَادَةٍ أَمْ نَقْصٍ أَمْ بِهِمَا (بَيْنَ تَشَهُّدِهِ) وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَمِنْ الْأَذْكَارِ بَعْدَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَجْهِي لِلَّذِي إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِيهِمَا، وَإِنْ تَعَمَّدَ التَّرْكَ وَاللَّائِقُ بِهِ حِينَئِذٍ اسْتِغْفَارٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمَأْمُومِ) أَيْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ نِيَّةُ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: التَّبْرِيزِيِّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ وَزَايٍ نِسْبَةٌ إلَى تَبْرِيزَ بَلَدٌ بِأَذْرَبِيجَانَ. اهـ لب (قَوْلُهُ: وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مَعْنَى النِّيَّةِ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: يَكْفِي فِي هَذِهِ) أَيْ نِيَّةُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ مَعْنَاهَا) أَيْ النِّيَّةِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَقَوْلُهُ الْمُفَارِقِ لِمَعْنَاهَا ثُمَّ: أَيْ النِّيَّةُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ خَطَأٌ) جَوَابُ قَوْلِهِ وَمَنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ إذْ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِخُصُوصِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ السُّجُودِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهَا) تَوْجِيهٌ لِلْخَطَأِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً، وَالْأَوْلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْقَصْدُ) أَيْ قَصْدُ خُصُوصِ السَّهْوِ وَخُصُوصِ التِّلَاوَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، فَمُرَادُهُ بِالْقَصْدِ مَا يَشْمَلُ التَّعْيِينَ (قَوْلُهُ: وَمَنْ ادَّعَى) مُرَادُهُ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ إذْ مَا سَاقَهُ عِبَارَتُهُ إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، لَكِنْ فِي سِيَاقِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صُعُوبَةٌ مِنْ وُجُوهٍ تُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ: مِنْهَا أَنَّ قَوْلَ الشِّهَابِ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُثْبِتُ وُجُوبَهَا هُنَا وَقَوْلَهُ وَالْمَنْفِيُّ فِي وُجُوبِهَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ مُنَزَّلٌ عَلَى كَلَامٍ قَدَّمَهُ قَبْلَ هَذَا فِيهِ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ الْمَذْكُورَانِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ قَبْلُ لِيَتَنَزَّلَ هَذَا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَسِيَاقُهُ يُوهِمُ أَنَّ الْإِثْبَاتَ وَالنَّفْيَ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَعَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ.

وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ قَالَ مِنْ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ حِكَايَةً لِكَلَامِ الْمُتَوَهِّمِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهَذَا عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ، وَسِيَاقُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِ هُوَ حِكَايَةٌ لِكَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ.

وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَدَعْوَاهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَوَجْهُهُ مُخَالَفَتُهُ لِصَرِيحِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهَا بِالتَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>