للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ الْمَاءَ أَوْ انْتَهَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ أَوْ أَحْدَثَ وَتَطَهَّرَ عَلَى قُرْبٍ أَوْ شُفِيَ دَائِمُ الْحَدَثِ أَوْ تَخَرَّقَ الْخُفُّ، وَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا وَعَلَّلُوهُ بِإِخْرَاجِهِ بَعْضَهَا عَنْ وَقْتِهَا مَرْدُودٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الْمَدِّ حَيْثُ شُرِعَ فِيهَا وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ رَكْعَةً، وَلِهَذَا صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ أَدْرَكَ، وَلَوْ أَتَى بِالسُّنَنِ خَرَجَ بَعْضُهَا أَتَى بِالسُّنَنِ، وَإِنْ لَمْ تُجْبَرْ بِالسُّجُودِ.

نَعَمْ لِمُعْتَنٍ بِالْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ حَصَلَ فِيهَا خُرُوجٌ بِالتَّحَلُّلِ صُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ إلَى الْعَوْدِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ إنْشَاءَهَا، وَإِنْ كَانَ عَائِدًا بِالْإِرَادَةِ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمَدِّ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا صُورَةُ خُرُوجٍ بِحَالٍ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُسَنُّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ الْمَدُّ خِلَافُ الْأَوْلَى؟ قُلْنَا: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا أَوْقَعَ رَكْعَةً وَذَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوقِعْهَا (وَإِذَا سَجَدَ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ بِالْفِعْلِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (صَارَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَادِمِ: إنَّ الصَّوَابَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ صَارَ عَائِدًا لِلصَّلَاةِ، أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِعَوْدِهِ عَدَمَ خُرُوجِهِ مِنْهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ حَقِيقَةُ الْخُرُوجِ مِنْهَا ثُمَّ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَأَنَّ سَلَامَهُ وَقَعَ لَغْوًا لِعُذْرِهِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا لِنِسْيَانِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ السَّهْوِ فَيُعِيدُهُ وُجُوبًا وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِنَحْوِ حَدَثِهِ، وَيَلْزَمُهُ الظُّهْرُ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ خَرَجَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ثَانِيًا وَالْإِتْمَامِ بِحُدُوثِ مُوجِبِهِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ وَإِنْ تَعَدَّدَ سَجْدَتَانِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَتَعَدَّدُ صُورَةً لَا حُكْمًا فِي صُوَرٍ مِنْهَا الْمَسْبُوقُ وَخَلِيفَةُ السَّاهِي وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَشَارَ إلَى بَعْضِ الصُّوَرِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (سَهَا إمَامُ الْجُمُعَةِ) أَوْ الْمَقْصُورَةِ (وَسَجَدُوا) لِلسَّهْوِ (فَبَانَ) بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ (فَوْتُهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ أَوْ مُوجِبِ إتْمَامِ الْمَقْصُورَةِ (أَتَمُّوا ظُهْرًا وَسَجَدُوا) لِلسَّهْوِ ثَانِيًا آخِرَ صَلَاتِهِمْ لِبَيَانِ كَوْنِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِآخِرِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ وَقَعَ لَغْوًا (وَلَوْ) (ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ) أَيْ السَّهْوِ (سَجَدَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَ سَجْدَتَيْنِ سَهْوًا يُبْطِلُ عَمْدُهُمَا. وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا بِنَحْوِ كَلَامٍ لَمْ يَسْجُدْ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَ مِثْلِهِ فَرُبَّمَا تَسَلْسَلَ أَوْ سَجَدَ لِمُقْتَضٍ فِي ظَنِّهِ فَبَانَ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ غَيْرُهُ لَمْ يُعِدْهُ لِانْجِبَارِ الْخَلَلِ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ وَضَابِطُ هَذَا أَنَّ السَّهْوَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ كَمَا مَرَّ وَالسَّهْوُ بِهِ يَقْتَضِيهِ. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجْبُرُ كُلَّ خَلَلٍ فِي الصَّلَاةِ فَيُجْبِرُ نَفْسَهُ كَمَا يُجْبِرُهُ غَيْرُهُ.

ثُمَّ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَقَالَ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا لَمْ يَطْرَأْ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: أَنَّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا حَرُمَ فِيهِ السُّجُودُ لِمَانِعٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِمُعْتَنٍ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الظُّهْرُ وَبِخُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ) أَيْ بَعْدَ الْعَوْدِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ السُّجُودِ وَعَدَمِ صَيْرُورَتِهِ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ السُّجُودَ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ هَذَا إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمَدَّ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا إذَا لَمْ تَقَعْ رَكْعَةٌ فِي الْوَقْتِ وَهُنَا وَقَعَتْ رَكْعَةٌ بَلْ الصَّلَاةُ جَمِيعُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَتَمُّوا ظُهْرًا) أَيْ أَوْ الْمَقْصُورَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>