للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْ يَضْطَجِعَ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ بَعْدَهُمَا وَلَعَلَّ مِنْ حِكْمَتِهِ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِذَلِكَ ضَجْعَةَ الْقَبْرِ حَتَّى يَسْتَفْرِغَ وُسْعَهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَيَتَهَيَّأَ لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ بِنَحْوِ كَلَامٍ أَوْ تَحَوُّلٍ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَقْضِيَّةِ، وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا صَحَّ مِنْ مُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمَا وَلِخَبَرِ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَلَهُ فِي نِيَّتِهَا كَيْفِيَّاتٌ: سُنَّةُ الصُّبْحِ، سُنَّةُ الْفَجْرِ، سُنَّةُ الْبَرْدِ، سُنَّةُ الْوُسْطَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا الْوُسْطَى، سُنَّةُ الْغَدَاةِ، وَلَهُ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ السُّنَّةِ وَيُضِيفَ فَيَقُولُ: رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ، رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، رَكْعَتَيْ الْبَرْدِ، رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى، رَكْعَتَيْ الْغَدَاةِ (وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَكَذَا) رَكْعَتَانِ (بَعْدَهَا) (وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ الْمَغْرِبِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ» .

وَذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ فِي رَكْعَتَيْ الْمَغْرِبِ بَعْدَهَا أَنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا حَتَّى يَنْصَرِفَ أَهْلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَحَدِهَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ لِمَا وَرَدَ فِيهِمَا.

ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ مَا نَصُّهُ قُبَيْلَ بَابِ صَلَاةِ الضُّحَى عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَكْعَتَيْنِ حِينَ يَطْلُعَ الْفَجْرُ إلَخْ: فَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي مُسْلِمٍ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: ١٣٦] آيَةَ الْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى مُسْلِمُونَ» آيَةَ آلِ عِمْرَانَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَخْفِيفِهِمَا عَدَمُ تَطْوِيلِهِمَا عَلَى الْوَارِدِ فِيهِمَا مَعَ لَوْ قَرَأَ الشَّخْصُ فِي الْأُولَى آيَةَ الْبَقَرَةِ وَأَلَمْ نَشْرَحْ وَالْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ آيَةَ آلِ عِمْرَانَ وَأَلَمْ تَرَ كَيْفَ وَالْإِخْلَاصَ لَمْ يَكُنْ مُطَوِّلًا لَهُمَا تَطْوِيلًا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٥٣] وَ {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: ١١٩] » فَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِيَتَحَقَّقَ الْإِتْيَانُ بِالْوَارِدِ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي " إنِّي ظَلَمَتْ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا " وَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ فِي هَذَا رَدَدْته فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ فِي مَبْحَثِ الدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَضْطَجِعَ) وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ فُعِلَتْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّهَا الْهَيْئَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقَبْرِ فَهِيَ أَقْرَبُ لِتَذْكِيرِ أَحْوَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ تِلْكَ الْحَالَةَ فِي مَحَلِّهِ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا يَسْهُلُ فِعْلُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَصَلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ كَلَامٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ الذِّكْرِ أَوْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَمْيِيزُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي يَشْرَعُ فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ الْكَلَامِ لَا يُفَوِّتُ سَنَّ الِاضْطِجَاعِ حَتَّى لَوْ أَرَادَهُ بَعْدَ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ حَصَلَ بِهِ السُّنَّةُ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَقْضِيَّةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا نُدِبَ لَهُ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَ السُّنَّةِ لَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَبَيْنَهَا.

وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الِاضْطِجَاعِ الْفَصْلُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ) أَيْ الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَيُضِيفَ) لَعَلَّ هَذَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذِكْرَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ أُصَلِّي الْغَدَاةَ أَوْ الْفَجْرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَقُولَ) هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتُ مَا عَدَا رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى، بَلْ قَدْ يُقَالُ حَتَّى هِيَ أَيْضًا بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً تَصْلُحُ لِلْفَرْضِ كَمَا تَصْلُحُ لَلسُّنَّةِ، وَلَعَلَّ الْمُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا وُجُوبُ التَّعَرُّضِ لِلْفَرِيضَةِ فِي الْفَرْضِ وَوُجُوبُ عَدَمِهِ فِي السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا) وَيَلْحَقُ بِهِمَا بَقِيَّةُ السُّنَنِ الْمُتَأَخِّرَةِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالِانْصِرَافِ عَقِبَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَنْصَرِفَ) لَا أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا سُنَّةٌ لِكُلِّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُغْيَا بِانْصِرَافِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ سَنَّ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى يَنْصَرِفَ مَنْ يَنْصَرِفُ عَادَةً أَوْ مَنْ دَعَاهُ إلَى الِانْصِرَافِ أَمْرٌ عَرَضَ لَهُ. اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَالْكَلَامُ حَيْثُ فَعَلَهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَعْدَهُمَا) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ تَقْدِيمِهِمَا عَلَى الْفَرْضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ إذْ يُعْلَمُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>