للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ صَحَّ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ وِتْرًا، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ، وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا غَالِطًا، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الْوِتْرِ ثُمَّ تَنَفَّلَ ثُمَّ أَتَى بِبَاقِيهِ (وَقِيلَ) أَكْثَرُهُ (ثَلَاثَ عَشْرَةَ) رَكْعَةً لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ تَأَوَّلَهَا الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، وَقَدْ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ ضَعْفَ التَّأْوِيلِ وَأَنَّهُ مُبَاعِدٌ لِلْأَخْبَارِ.

وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَأَنَا أَقْطَعُ بِحِلِّ الْإِيتَارِ بِذَلِكَ وَصِحَّتِهِ، وَلَكِنْ أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ أَحْوَالِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَيُسَنُّ لِمَنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ ثُمَّ الْفَلَقَ ثُمَّ النَّاسَ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ قَرَأَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ مَا ذَكَرَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

(وَلِمَنْ) (زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ) فِي الْوِتْرِ (الْفَصْلُ) بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالسَّلَامِ لِلِاتِّبَاعِ (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الْوَصْلِ الْآتِي إنْ سَاوَاهُ عَدَدُ الْخَبَرِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ.

وَقَوْل الْجَوْجَرِيُّ: إنَّ قَضِيَّةَ تَعْبِيرِهِمْ بِالسَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَلَّمَ سِتَّ تَسْلِيمَاتٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَسِتًّا بِتَسْلِمَةٍ ثُمَّ يُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ، وَإِنْ وُجِدَ مُطْلَقُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يَرِدْ إلَّا كَذَلِكَ. رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهَا بَلْ دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقِيلَ الْوَصْلُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يُصَحِّحُ الْفَصْلَ، وَالْقَائِلُونَ بِالْأَوَّلِ مَنَعُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا يُرَاعِي خِلَافَ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى مَحْظُورٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، فَإِنَّ الْوَصْلَ بِثَلَاثٍ مَكْرُوهٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ، بَلْ قَالَ الْقَفَّالُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ مُسَمَّى الْوِتْرِ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَإِنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ بِالْإِحْدَى عَشَرَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَمْتَنِعْ وَيَقَعُ بَعْضُ مَا أَتَى بِهِ وَاجِبًا وَبَعْضُهُ مَنْدُوبًا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِالْإِحْدَى عَشَرَةَ مَعَ الزِّيَادَةِ كَأَنْ أَحْرَمَ بِاثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ: مَرَّةً مَرَّةً) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَصَلَ وَإِنْ لَزِمَ تَطْوِيلُ الثَّالِثَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا مُخَصِّصٌ لَهُ لِتَعَلُّقِ الطَّلَبِ بِهِ بِخُصُوصِهِ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ وَمَا بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، فَإِنْ زَادَ فَالْفَصْلُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ. اهـ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِمْ.

أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ سَاوَاهُ عَدَدًا.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) بِهِ يُدْفَعُ مَا يُقَالُ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ الْوَصْلُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْوَصْلَ. وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يُرَاعَى إذَا لَمْ تُعَارِضْهُ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَرَدَتْ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: قَضِيَّتُهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ قَوْلٌ مَمْنُوعٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَكْرُوهٌ) أَيْ وَالرِّعَايَةُ هُنَا تُؤَدِّي إلَى مَكْرُوهٍ فَإِنَّ الْوَاصِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْقَفَّالُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهَا) أَيْ الْقَضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى) عَلَّلَهُ فِي الْإِمْدَادِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ كَوْنِ الْفَصْلِ أَفْضَلَ، فَصَوَّرُوهُ بِذَلِكَ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ) أَيْ اسْتِنَادًا لِمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «لَا تُشَبِّهُوا الْوِتْرَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» فَهُوَ الَّذِي مَنَعَ الشَّافِعِيَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ، وَإِلَّا فَمَا ذُكِرَ مِنْ جَزْمِ ابْنِ خَيْرَانَ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ مُسْتَنِدَ الشَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>