لَا يَصِحُّ وَصْلُهَا وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنُ.
(وَ) لَهُ (الْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَشَهُّدَيْنِ فِي) الرَّكْعَتَيْنِ (الْأَخِيرَتَيْنِ) لِثُبُوتِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَمْتَنِعُ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ وَفِعْلُ أَوَّلِهِمَا قَبْلَ الْأَخِيرَتَيْنِ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ، وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَفْضَلُ مِنْهُ بِتَشَهُّدَيْنِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ بِالْمَغْرِبِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْوِتْرِ ثَلَاثًا: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، ثُمَّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك، وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك، وَبِك مِنْك، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك. وَقَدْ مَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ تَمَامَ الْفَضِيلَةِ لِلْوِتْرِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِفِعْلِ أَخِيرَتِهِ لَا أَصْلِهَا.
(وَوَقْتُهُ) أَيْ الْوِتْرُ (بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ) وَلَوْ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ (وَطُلُوعِ الْفَجْرِ) الصَّادِقِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ وَقْتُهُ الْمُخْتَارُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُرِدْ تَهَجُّدًا، وَلَمْ يَعْتَدْ الْيَقِظَةَ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَمَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُهُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَعْدَ فِعْلِهَا حَتَّى لَوْ خَرَجَ وَقْتُهَا، وَأَرَادَ فِعْلَهُ قَضَاءً قَبْلَ فِعْلِهَا كَانَ مُمْتَنِعًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ.
(وَقِيلَ) (شَرْطُ) جَوَازِ (الْإِيتَارِ بِرَكْعَةٍ) (سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهَا لِتَقَعَ هِيَ مُوتِرَةً لِذَلِكَ الْفِعْلِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهَا وِتْرًا فِي نَفْسِهَا أَوْ مُوتِرَةً لِمَا قَبْلَهَا وَلَوْ فَرْضًا (وَيُسَنُّ) لِمَنْ وَثِقَ بِيَقِظَتِهِ، وَأَرَادَ صَلَاةً بَعْدَ نَوْمِهِ (جَعْلُهُ) أَيْ جَمِيعُ وِتْرِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدِ أَفْضَلُ) أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِحْدَى عَشَرَةَ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّشْبِيهِ بِالْمَغْرِبِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا بَعْدَ شَفْعٍ وَالثَّانِيَ بَعْدَ فَرْدٍ، ثُمَّ قَوْلُهُ: أَفْضَلُ يُفِيدُ أَنَّ الْوَصْلَ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ بِتَشَهُّدَيْنِ لَيْسَ مَكْرُوهًا وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ.
(قَوْلُهُ: وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ) أَيْ بِجَعْلِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى تَشَهُّدَيْنِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ: بَعْدَ الْوِتْرِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْوِتْرِ رَكْعَةً كَانَ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَبِك مِنْك) أَيْ أَسْتَجِيرُ بِك مِنْ غَضَبِك (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَلَّى مَا عَدَا أَخِيرَةِ الْوِتْرِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَارَ مُقِيمًا قَبْلَ فِعْلِهِ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ كَأَنْ وَصَلَتْ سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُهُ الْحَقِيقِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ انْتَفَى بِالْإِقَامَةِ.
(قَوْلُهُ: سَبْقُ نَفْلٍ) وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَيْثُ كَانَ شَفْعًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِتَقَعَ هِيَ مُوتِرَةً إلَخْ، وَإِلَّا فَالنَّفَلُ يَصْدُقُ بِرَكْعَةٍ وَلَا يَكُونُ الْإِيتَارُ بِرَكْعَةٍ شَفْعًا لَهُ (قَوْلُهُ: بِيَقَظَتِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ اهـ شَرْحَ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: جَعَلَهُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى أَوَّلَ اللَّيْلِ صَلَّى إحْدَى عَشَرَةَ وَلَوْ صَلَّى آخِرَهُ صَلَّى ثَلَاثَةً، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِحْدَى عَشَرَةَ أَوْلَى مُحَافَظَةً عَلَى كَمَالِ الْعِبَادَةِ.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ فَاتَهُ الْوِتْرُ وَأَرَادَ صَلَاتَهُ هَلْ يُقَدِّمُهُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ عَنْهَا؟ وَإِذَا أَخَّرَهُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ هَلْ فِعْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى أَوْ تَأْخِيرُهُ إلَى وَقْتِ الضُّحَى؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتِ الضُّحَى أَوْلَى كَغَيْرِهِ مِنْ النَّوَافِلِ اللَّيْلِيَّةِ الَّتِي تَفُوتُهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ لَهُ وِرْدٌ اعْتَادَهُ لَيْلًا وَلَمْ يَفْعَلْهُ. اهـ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْفَرْضِ كَانَ مِنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ فِعْلِ الْفَرْضِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ مِنْ التَّنَفُّلِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ لَا يَنْعَقِدُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ فَطَلَبَ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتٍ لَا يُكْرَهُ فِيهِ التَّنَفُّلُ اتِّفَاقًا وَهُوَ وَقْتُ الضُّحَى.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ: لَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ مَوْصُولَةٍ أَدْرَكَهَا جَمِيعَهَا فِي الْوَقْتِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَرَادَ صَلَاةً بَعْدَ نَوْمِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ مَسْنُونٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ صَلَاةً بَعْدَ النَّوْمِ،؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ لَا يَسْقُطُ بِإِرَادَةِ الْخِلَافِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ؟ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ النَّوْمِ؛ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُصَدِّقُ قَوْلَهُ جَعَلَهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ. اهـ. .