للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَمَضَانَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ فَضُوعِفَتْ فِيهِ؛ لِمَا مَرَّ، وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فِعْلُهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ، فَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بِكُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، فَجَعَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَدَلَ كُلِّ أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً لِيُسَاوُوهُمْ.

قَالَا: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ شَرَفًا بِهِجْرَتِهِ، وَبِدَفْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَفِعْلُهَا بِالْقُرْآنِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ أَوْلَى وَأَفْضَلُ مِنْ تَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَوَقْتُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ تَقْدِيمًا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ.

وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ يَصِحَّ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَإِلَّا صَارَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّرَاوِيحَ أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ كَمَا مَرَّ، فَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَقِيَّةَ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: فَضُوعِفَتْ) لَعَلَّ الْمَعْنَى فَزِيدَ قَدْرُهَا وَضِعْفُهُ لَا فَزِيدَ عَلَيْهَا قَدْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَهَذَا كَمَا تَرَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مِثْلُهُ، أَمَّا إذَا قِيلَ إنَّ ضَعْفَهُ مِثْلَاهُ فَلَا تَأْوِيلَ، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ وَقْتُ جِدٍّ وَتَشْمِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى الْعِشْرِينَ أَفْضَلَ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا سِتًّا) .

[فَرْعٌ] قَالَ م ر فِي جَوَابِ سَائِلٍ: الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَنْ بِهَا وَإِنْ كَانُوا غُرَبَاءَ لَا أَهْلِهَا بِغَيْرِهَا، وَأَظُنُّهُ قَالَ لِأَهْلِهَا حُكْمُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا حَوْلَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلِهِ لِيُسَاوُوهُمْ) قَالَ حَجّ: وَابْتِدَاءُ حُدُوثِ ذَلِكَ كَانَ أَوَاخِرَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ، وَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْعِشْرُونَ لَهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ. اهـ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: أَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَهُمْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى الْعِشْرِينَ أَفْضَلَ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْإِجْمَاعُ إنَّمَا هُوَ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ لَا طَلَبِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا فُعِلَتْ يُثَابُونَ عَلَيْهَا فَوْقَ ثَوَابِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وَيَنْوُونَ بِالْجَمِيعِ التَّرَاوِيحَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ) لَوْ فَاتَتْ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي غَيْرِهَا فَعَلَهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَعَكْسُهُ يَفْعَلُهَا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بِهَامِشٍ هُوَ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الدَّوَاخِلِيِّ، وَمَا أَنْقُلُهُ دَائِمًا عَنْ هَامِشٍ يَكُونُ مُرَادِي بِهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ الْقَضَاءُ يَحْكِي الْأَدَاءَ.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ الشَّوْبَرِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: عِشْرُونَ رَكْعَةً: أَيْ لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَسِتٌّ وَثَلَاثُونَ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا: لَوْ أَرَادَ الْمَدَنِيُّ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي الْمَدِينَةِ وَالْأَوَّلُ فِي غَيْرِهَا هَلْ يَقْضِيهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ؟ وَأَجَابَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُ فِعْلِ التَّرَاوِيحِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ بِمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ حَالَ طَلَبِهَا مِنْهُ ابْتِدَاءً وَفَعَلَهَا فِيهَا. اهـ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ اقْتَدَى بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَامَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَحَسَنٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا بِمَا صَنَعُوا الِاقْتِدَاءَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الْفَضْلِ لَا الْمُنَافِسَةَ كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ. اهـ شَرْحُ رَوْضِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَدٍ بَلْ قَالَ أُصَلِّي قِيَامَ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْعَدَدِ لَا يَجِبُ وَتُحْمَلُ نِيَّتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي التَّرَاوِيحِ، وَهُوَ رَكْعَتَانِ كَمَا لَوْ قَالَ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الصُّبْحَ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِالصِّحَّةِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الْعَدَدِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ تَصِحُّ نِيَّةُ الْأَرْبَعِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَضُوعِفَتْ) أَيْ وَجُعِلَتْ بِتَضْعِيفِهَا زِيَادَةً فِي رَمَضَانَ، وَإِلَّا فَالرَّوَاتِبُ مَطْلُوبَةٌ أَيْضًا فِي رَمَضَانَ أَوْ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مِثْلَاهُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ اقْتَدَى بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَامَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَحَسَنٌ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>