ذَلِكَ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ افْتِرَاضِهِ عَلَيْهِمْ، أَوْ يَكُونُ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا عَلَى الْأَعْيَانِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ.
أَوْ يَكُونُ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ رَمَضَانَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ ذَاكَ كَانَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ وَقْتُ جَدٍّ وَتَشْمِيرٍ، وَقِيَامُ رَمَضَانَ غَيْرُ مُتَكَرِّرٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ، أَوْ أَنَّهُ خَشَى أَنْ يَكُونَ افْتِرَاضُهَا قَدْ عُلِّقَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَلَى دَوَامِ إظْهَارِهَا جَمَاعَةً، وَلَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَفْضِيلُ التَّرَاوِيحِ عَلَى الرَّاتِبَةِ لِسَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا لَيَالِيَ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْ أَكْثَرُهُمْ.
أَوْ أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً. وَفِي رِوَايَةٍ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ، وَقَدْ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ الرِّجَالُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَقَدْ انْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ إلَى ذَلِكَ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا: أَيْ يَسْتَرِيحُونَ.
قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَالسِّرُّ فِي كَوْنِهَا عِشْرِينَ أَنَّ الرَّوَاتِبَ: أَيْ الْمُؤَكَّدَةَ فِي غَيْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا نَقَلَهُ ع عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ خَشْيَةِ تَوَهُّمِ فَرْضِيَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَقْتُ جَدٍّ وَتَشْمِيرٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ بِاعْتِبَارِ الْمُرَادِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) وَالْوَجْهَانِ إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ، فَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فَالرَّوَاتِبُ أَفْضَلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ) اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبِ فَلَا يُقَالُ التَّسْلِيمَاتُ عِشْرُونَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَهْدِ عُمَرَ إلَخْ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا بَعْدُ، وَقَدْ جَمَعَ إلَخْ اُنْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَ أَيْضًا.
ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ لِلْعِرَاقِيِّ أَنَّ جَمْعَ عُمَرُ إلَخْ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ: طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَصْدَرَ الْحَاجِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ غُرَّةُ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ تِسْعٌ وَخَمْسُونَ وَقِيلَ ثَمَانٍ وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَقِيلَ إحْدَى وَسِتُّونَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، وَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ وَدُفِنَ إلَى جَانِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ اهـ.
وَفِيهِ: وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُخْرَى سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ اهـ. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ عُمَرَ أَقَرَّ النَّاسَ عَلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى رَمَضَانَا وَاحِدًا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي رَمَضَانَ الثَّانِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهِ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَالنِّسَاءُ عَلَى سُلَيْمَانَ) هُوَ بِزِيَادَةِ يَاءٍ قَبْلَ الْمِيمِ تَابِعِيٌّ لَهُ رِوَايَةٌ، وَوَالِدُهُ أَبُو حَثْمَةَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ، لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ كَذَا فِي الْإِصَابَةِ. اهـ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَلْمَانُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت بَلْ هُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ انْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً) أَيْ وَصَارُوا يَفْعَلُونَهَا فِي بُيُوتِهِمْ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمُ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهَا فِي بَيْتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ ع حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الصَّحِيحَيْنِ إنَّهُ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ افْتِرَاضُهَا إلَخْ) فِي دَفْعِ هَذَا الْإِشْكَالِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: إلَى ذَلِكَ) أَيْ جَمْعِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -