للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُقَاتِلُهُمْ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ (وَلَا يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِلنِّسَاءِ تَأَكُّدُهُ لِلرِّجَالِ) لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لَهُنَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِخَشْيَةِ الْمَفْسَدَةِ فِيهِنَّ وَكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لَهُمْ لَا لَهُنَّ، وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ نَعَمْ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا) عِنْدَ وُجُودِ سَائِرِ شُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَلَيْسَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ الْمَارِّ فَإِنَّ الْمُفَاضَلَةَ تَقْتَضِي جَوَازَ الِانْفِرَادِ، وَذِكْرُ أَفْضَلَ فِي الْخَبَرِ قَبْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لِقِيَامِ غَيْرِهِ بِهَا أَوْ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ.

أَمَّا إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ فَلَا تَجِبُ بَلْ تَارَةً تُسَنُّ وَتَارَةً لَا وَتُسَنُّ لِمُمَيِّزٍ. نَعَمْ يَلْزَمُ وَلِيُّهُ أَمْرَهُ بِهَا لِيَتَعَوَّدَهَا إذَا كَمُلَ (وَقِيلَ) هِيَ فَرْضُ (عَيْنٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاتِلُهُمْ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْأَذَانِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْإِقَامَةِ، وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ سُنَّةٍ يَجْرِي فِي الْقِتَالِ عَلَى تَرْكِهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. اهـ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ.

وَقَدْ صَرَّجَ الْمَحَلِّيُّ هُنَا بِحِكَايَةِ وَجْهٍ بِنَاءً عَلَى السُّنِّيَّةِ أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِمْ حَذَرًا مِنْ إمَاتَتِهَا، وَقَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى السُّنِّيَّةِ فِي الْأَذَانِ وَنَحْوِهِ قَطْعًا وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا فَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى حِكَايَتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ لِكَوْنِهِ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ: لِمَزِيَّتِهِمْ) أَيْ شَرَفِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا لَهُنَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِنَّ تَحْصِيلُهَا إمَّا فِي بُيُوتِهِنَّ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَمَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لِكَوْنِهِنَّ غَيْرَ مُشْتَهَيَاتٍ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ: مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ» إلَخْ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ هِيَ فِيهِ لَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَعِبَارَةُ حَجّ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مِنْ رِوَايَتِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَخْ الَّذِي عَنَاهُ بِقَوْلِهِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَارَةً تُسَنُّ) وَهَلْ يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ؟ قَالَ الْقَاضِي: إنْ زَادَ زَمَنُهَا عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ احْتَاجَ وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ شَغْلٌ، وَاعْتَمَدَ م ر فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ إذَا كَانَ زَمَنُهَا عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ زَادَ عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ لِمُمَيِّزٍ) أَيْ يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُهَا دُونَ ثَوَابِ الْوَاجِبِ لَا أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ فَإِنَّهُ لَا خِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ غَيْرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ وَالْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ الصَّلَاةِ الْمُتَوَعَّدِ عَلَى تَرْكِهَا بِالتَّحْرِيقِ هَلْ هِيَ الْعِشَاءُ أَوْ هِيَ الصُّبْحُ أَوْ الْجُمُعَةُ؟ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْمُرَادَ الْعِشَاءُ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ: لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ.

وَقِيلَ هِيَ الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ مَعًا، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي بَعْضِ طَرِيقِ هَذَا الْحَدِيثِ «إنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» فَذَكَرَهُ.

وَقِيلَ هِيَ الْجُمُعَةُ، وَيَدُلُّ لَهُ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيّ «فَأُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ» وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ لَقَدْ هَمَمْت» فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيّ فِي كَوْنِهَا الْجُمُعَةَ، وَرِوَايَةُ كَوْنِهَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي كَوْنِهَا الْجُمُعَةَ حَدِيثٌ آخَرُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَقْدَحُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَنْظُرُ فِي اخْتِلَافِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ رِوَايَةَ الْجَمَاعَةِ فِيهِ عَلَى رِوَايَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْجُمُعَةِ عَنْ الْجَمَاعَةِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ كَلَامِ الْبَيْهَقِيّ: بَلْ هُمَا رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ فِي الْجُمُعَةِ وَرِوَايَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. اهـ مُلَخَّصًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْهُ فَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَاتِ، يَحْتَمِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ بَاعِثًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إرَادَةِ التَّحْرِيقِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>