للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَظْهَرُوهَا هَلْ يَحْصُلُ بِهِمْ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبُ عَنْ الْمُقِيمِينَ بِعَدَمِ حُصُولِ الشِّعَارِ بِهِمْ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبُ عَنْ الْمُقِيمِينَ، فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إذَا أَقَامَ الْجَمَاعَةَ طَائِفَةً يَسِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ وَلَمْ يَحْضُرْهَا جُمْهُورُ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ حَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ، وَلَا إثْمَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِينَ كَمَا لَوْ صَلَّى الْجِنَازَةَ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ، هَكَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا فِي أَهْلِ قَرْيَةٍ صَلَّوْا رَكْعَةً مِنْ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَوَوْا قَطَعَ الْقُدْوَةِ وَأَتَمُّوهَا مُنْفَرِدِينَ بِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ لِتَأْدِي شِعَارِهَا بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْفَرِيضَةُ الْجُمُعَةَ وَتَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي السَّاكِنِينَ بِهَا.

وَأَمَّا فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُهَا فِيهَا؛ لِحُصُولِ الْفَرْضِ بِدُونِهِ. وَضَبَطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْقَرْيَةَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا نَحْوَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَقْرِيبٌ، بَلْ لَوْ ضُبِطَ ذَلِكَ بِالْعُرْفِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمَعْنَى، وَكَلَامُهُمْ بِمَحَلٍّ فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَفِي الْكَبِيرَةِ وَالْبَلَدِ بِمَحَلَّيْنِ مَثَلًا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَنْ يَقْصِدُهَا إدْرَاكَهَا مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَا يُشْتَرَطُ إقَامَتُهَا فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ مِنْهَا خِلَافًا لِجَمْعٍ (فَإِنْ) (امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ) مِنْ فِعْلِهَا بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ أَوْ فُعِلَتْ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (قُوتِلُوا) أَيْ قَاتَلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الْمُمْتَنِعِينَ لِإِظْهَارِ هَذَا الشِّعَارِ الْعَظِيمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الزِّيَادِيُّ أَيْضًا: وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِمَنْ لَا يَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ كَالنِّسَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ حُصُولِ الشَّعَارِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّظْلِيلُ أَوْ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ أَدَّى إلَى مَنْعِ أَهْلِ الْبَلَدِ مِنْ إقَامَتِهَا فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ إحْيَاءِ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.

لَا يُقَالُ: الِاعْتِكَافُ أَيْضًا مِنْ مَقَاصِدِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ شَغْلُهُ بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ غَيْرِهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَرَضُ الْأَصْلِيُّ مِنْ وَقْفِ الْمَسَاجِدِ الصَّلَاةُ فِيهَا فَيُمْنَعُ مِنْ شَغْلِهَا بِمَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ الْمَقْصُودَ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ بِذَلِكَ الْمَنْفَعَةَ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ الْمُسَافِرُ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا فِي الْمَسْجِدِ مُدَّةً تَقْطَعُ السَّفَرَ ثُمَّ نَوَى الِاعْتِكَافَ فِي مَسْجِدِ قَرْيَةٍ وَكَانَ اعْتِكَافُهُ فِيهِ يَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ، فَهَلْ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ مُدَّةَ صَلَاتِهِمْ يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُطْلَقَةً، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَّا ذَلِكَ الْمَسْجِدُ فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِاعْتِكَافِهِ فِيهِ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، وَهُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ تَأْخِيرِ الِاعْتِكَافِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاعْتِكَافِ بِمَسْجِدٍ لَا يُعَارَضُ فِيهِ، وَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً اتَّفَقَ وُقُوعُهَا فِي سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَسْجِدٌ مَهْجُورٌ مَثَلًا أَوْ وَاسِعٌ لَا يُعَارِضُهُ فِيهِ أَحَدٌ إذَا اعْتَكَفَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ انْقَطَعَ تُتَابِعُهُ بِإِخْرَاجِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِاعْتِكَافِهِ فِيهِ مَعَ تَيَسُّرِ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ) عَطْفٌ عَلَى عَدَمِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ) غَرَضُهُ مِنْهُ الِاسْتِظْهَارُ عَلَى الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ يُفِيدُ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي) أَيْ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْقَرْيَةِ) قَسِيمُ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَقْرَبُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ) أَيْ حَيْثُ اكْتَفَوْا بِمَحَلٍّ إلَخْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَاكْتِفَاؤُهُمْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: الْمُمْتَنِعِينَ) أَشْعَرَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْجَأَهُمْ بِالْقِتَالِ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ بَلْ حَتَّى يَأْمُرَهُمْ فَيَمْتَنِعُوا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. اهـ حَجّ: أَيْ فَهُوَ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ، وَوَجْهُ الْإِشْعَارِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْقِتَالَ لِامْتِنَاعِهِمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ االْمَارِّ، وَلَا إقَامَتُهَا بِجُمْهُورِهِمْ إلَخْ إذْ هُوَ مِنْ تَعَلُّقِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>