فِيهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعُهَا، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ أَوْ الْجَمَاعَةِ بِالتَّشَهُّدِ كُرِهَ كَالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِانْتِظَارِ لِلْمُقْتَدِي وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُ هُنَا كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُكْرَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، وَقَدْ يُسَنُّ الِانْتِظَارُ كَمَا فِي الْمُوَافِقِ الْمُتَخَلِّفِ بِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِفَوَاتِ رَكْعَتِهِ بِقِيَامِهِ مِنْهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اسْتِحْبَابِ انْتِظَارِ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ أَوْ النَّهْضَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ.
وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى انْتِظَارِهِمَا إدْرَاكٌ سُنَّ بِشَرْطِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَنْ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ النَّدْبُ هُنَا هُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الرَّوْضِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَمِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ: أَيْ إبَاحَتِهِ عَلَى الثَّانِي.
وَلَوْ رَأَى مُصَلٍّ نَحْوَ حَرِيقٍ خَفَّفَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ؟ وَجْهَانِ. أَوْجَهُهُمَا لُزُومُهُ لِإِنْقَاذِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَيَجُوزُ لَهُ لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مَالٍ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَحَسَّ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ، قَالَ تَعَالَى {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: ٩٨] وَفِي لُغَةٍ غَرِيبَةٍ بِلَا هَمْزٍ.
(وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) مَكْتُوبَةً وَلَوْ مَغْرِبًا عَلَى الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا عَلَيْهِ يَسَعُ تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ بَلْ أَكْثَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهِ مُؤَدَّاهُ (وَحْدَهُ وَكَذَا جَمَاعَةً فِي الْأَصَحِّ إعَادَتُهَا) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا الِاصْطِلَاحِيِّ مَرَّةً فَقَطْ (مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا) فِي الْوَقْتِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِثْلَ جَمَاعَةِ الْأُولَى أَمْ أَقَلَّ مِنْهَا أَمْ أَكْثَرَ كَمَا سَيَأْتِي،، وَإِنْ زَادَتْ الْأُولَى بِفَضِيلَةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَوْ لَمْ يَفْدِ ذَلِكَ مَعَهُ لَا يَنْتَظِرُهُ أَيْضًا لِئَلَّا يَكُونَ انْتِظَارُهُ سَبَبًا لِتَهَاوُنِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْجَمَاعَةُ بِالتَّشَهُّدِ) أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ أَحَسَّ بِدَاخِلٍ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ تُقَامُ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ التَّأْخِيرُ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ تَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تُقَامُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ) نَعَمْ إنْ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ قَبْلَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ أَحْرَمَ هَاوِيًا سُنَّ انْتِظَارُهُ قَائِمًا. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ مَثَلًا عَلَى مَا قَبْلَهَا.
(قَوْلُهُ: نَحْوَ حَرِيقٍ خَفَّفَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لُزُومُهُ) هَلْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إنْقَاذَهُ إذَا صَلَّى كَشِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ يَجِبُ الْقَطْعُ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِيمَنْ خُطِفَ نَعْلَهُ فِي الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ إلَخْ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ عَدَمُ سَنِّهِ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مَالٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لِيَتِيمٍ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَفِي لُغَةٍ غَرِيبَةٍ) أَيْ وَاللُّغَتَانِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَسَّ بِمَعْنَى أَدْرَكَ فَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: ١٥٢] الْآيَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَفِي الْمُخْتَارِ: وَحَسُّوهُمْ اسْتَأْصَلُوهُمْ قَتْلًا وَبَابُهُ رَدَّ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: ١٥٢] وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: أَيْ تَقْتُلُونَهُمْ، مِنْ حَسَّهُ إذَا أَبْطَلَ حَسَّهُ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا جَمَاعَةٌ فِي الْأَصَحِّ) عَمِيرَةُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ «فِي صَلَاةِ مُعَاذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ فَعَلَهَا إمَامًا بِقَوْمِهِ» أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ) وَهُوَ فِعْلُهَا ثَانِيًا مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الِاصْطِلَاحِيِّ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِخَلَلٍ فِي الْأُولَى عَلَى مَا قِيلَ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الْعُذْرِ فِي فِعْلِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ خَلَلٌ فِي الْأُولَى، وَمِنْ الْعُذْرِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ الْإِعَادَةُ اصْطِلَاحِيَّةٌ أَيْضًا، وَيُصَرَّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ حَجّ مَا نَصُّهُ: قِيلَ الْمُرَادُ هُنَا مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ لَا الْأُصُولِيُّ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَا فُعِلَ لِخَلَلٍ فِي الْأُولَى مِنْ فَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ، أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا مَا فُعِلَ لِخَلَلٍ أَوْ عُذْرٍ كَالثَّوَابِ فَيَصِحُّ إرَادَةُ مَعْنَاهَا الْأُصُولِيِّ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ فَعَلَهَا ثَانِيًا رَجَاءَ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: مَعَ جَمَاعَةٍ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا (قَوْلُهُ: يُدْرِكُهَا فِي الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ يُدْرِكَ فِيهِ رَكْعَةً م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا مُؤَدَّاةٌ إذْ الْأَدَاءُ لَا يَكُونُ بِدُونِ الرَّكْعَةِ نَازَعَ فِيهِ حَجّ، وَنَقَلَ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّحَرُّمِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .