للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَكَوْنِ إمَامِهَا أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقْصُرُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ حَصَّلَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَشَمِلَ ذَلِكَ جَمَاعَةَ الْأُولَى بِعَيْنِهِمْ.

وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ تَصْوِيرَهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ الْوَقْتِ، إذْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللَّازِمِ مَمْنُوعٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِعَادَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَصْوِيرُهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيُعْمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تُطْلَبُ الْإِعَادَةُ لِمَنْ الْجَمَاعَةُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَارِي فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَقَرُّوهُ وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاثْنَيْنِ رَآهُمَا لَمْ يُصَلِّيَاهَا مَعَهُ وَذَكَرَا أَنَّهُمَا صَلَّيَاهَا فِي رِحَالِهِمَا «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» .

دَلَّ بِتَرْكِهِ الاستفصال مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا وَلَا بَيْنَ اخْتِصَاصِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِفَضْلٍ أَوْ لَا، وَصَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لَمَّا جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ،؟ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» وَمِنْ ثَمَّ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى أَوَّلًا مَعَ جَمَاعَةِ كَثِيرِينَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْخَبَرُ، وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ، وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِعَادَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَغَيْرِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْوَقْتِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْجَمَاعَةِ حَتَّى لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ عَقِبَ التَّحَرُّمِ كَفَى، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ لِتَكُونَ أَدَاءً، وَعِبَارَتُهُ: فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْآنَ اشْتِرَاطُ رَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَجْمُوعِ يُؤَيِّدُ اشْتِرَاطَ الْكُلِّ اهـ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْقَلِبَ نَفْلًا مُطْلَقًا. اهـ.

وَقَوْلُهُ يُدْرِكُهَا فِي الْوَقْتِ أَيْضًا قَالَ عَمِيرَةُ: اقْتَضَى هَذَا أَنَّ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَنْدُبُ لَهُ إعَادَتُهَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مُخْتَلِفًا فِيهَا فِي الْقَضَاءِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُعَادَةَ تَقَعُ نَفْلًا امْتَنَعُوا مِنْ نَدْبِ ذَلِكَ هُنَا وَاقْتَصَرُوا عَلَى الْوَارِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَرَدَ بِمَنْعِ ذَلِكَ) وَيُؤَيِّدُ الْمَنْعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاةِ مُعَاذٍ بِقَوْمِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إذْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللَّازِمِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا) فَلَوْ زَادَ بِالْقِيَاسِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ مِنْ الْعَالِمِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَأَمَّا الْجَاهِلُ فَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَارِي) أَيْ فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي حَقِّهِ لَيْسَتْ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ اُسْتُحِبَّتْ الْجَمَاعَةُ لَهُمْ تَقْيِيدُ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ سَنِّ الْإِعَادَةِ بِمَا لَوْ كَانَ الْعُرَاةُ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ الْعُرَاةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ) أَيْ لِلْيُمْنَى (قَوْلُهُ: رَآهُمَا لَمْ يُصَلِّيَاهَا مَعَهُ) وَكَانَ ذَلِكَ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ) أَيْ مَحَلًّا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّيَ مَعَهُ) هُوَ بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ (قَوْلُهُ: فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ حَجٍ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَكَذَا غَيْرُهُ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ الصَّلَاةَ مَعَهُ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ) كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجَمَاعَةُ الثَّانِيَةُ هُنَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. اهـ حَجّ. وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ. وَالْإِمَامُ فِي كَلَامِ حَجّ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَحَلُّ الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ صَرِيحًا أَوْ مَا فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>