وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا لِسَبَبٍ كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ.
وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي بُطْلَانِهَا كَأَنْ شَكَّ فِي طُهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَنَّهُ تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِيهَا، وَإِلَّا صَارَ مُنْفَرِدًا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِيمَنْ صَلَّيَا فَرِيضَةً مُنْفَرِدَيْنِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ فِي إعَادَتِهِمَا فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِمْ إنَّمَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ لِغَيْرِ مَنْ الِانْفِرَادُ لَهُ أَفْضَلُ، فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الِاقْتِدَاءُ هُوَ الْأَفْضَلُ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِ كُلٍّ، وَقَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَعْنَاهُ كَأَنْ سَكَتَ وَعَلِمَ رِضَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ إذَا أَرَادَ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمَاعَةَ الْأُولَى اشْتَرَطَ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَالِكِيًّا مَثَلًا لَا يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ لِمَنْ ذَكَرَ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يَرَى لِلْمُصَلَّى مَعَهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهُ، وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ: أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُخَالِفُ إمَامًا. أَمَّا لَوْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ لِلشَّافِعِيِّ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً) أَيْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ) أَيْ فَلَوْ أَعَادَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ إمَامًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّ يَرَى بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فَلَا قُدْوَةَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ) [فَرْعٌ] أَعَادَ الصَّلَاةَ مُنْفَرِدًا لِهَذَا الْخَلَلِ الْمُبْطِلِ عَلَى قَوْلٍ هَلْ تُسَنُّ إعَادَتُهَا ثَالِثًا جَمَاعَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَالَ م ر لِلْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ مَمْنُوعَةٌ. اهـ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الِاسْتِحْبَابُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ الَّتِي فَعَلَهَا بِالنَّظَرِ لِلْخِلَافِ تُعَدُّ أُولَى. (قَوْلُهُ: كَأَنْ شَكَّ فِي طُهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَيَنْبَغِي وِفَاقًا م ر أَنْ يُشْتَرَطَ قُوَّةُ مُدْرِكِ ذَلِكَ الْقَوْلِ، فَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ مَسَحَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ رَأْسِهِ وَصَلَّى يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ بِمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَالْإِعَادَةُ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ مَالِكٍ يَتَّجِهُ نَعَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ لِقَوْلِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا يَبْعُدُ؟ نَعَمْ إنْ قَوِيَ دَلِيلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُنْظَرْ دَلِيلُهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَهَلْ مِمَّا قَوِيَ مُدْرَكُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُخَالِفِ لَا فَضِيلَةَ فِيهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَنْ الِانْفِرَادُ لَهُ أَفْضَلُ) أَيْ وَمَا هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُعِيدِ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةُ فَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ، وَلَيْسَ مِمَّا يَكُونُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهَا وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهَا لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً مَعَ الْمُنْفَرِدِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ وَلَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي يُعِيدُ لِأَجْلِهِ وَهُوَ الْفَضِيلَةُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَبَرِ أَيْضًا، وَفِي أَخْذِ جَمِيعِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَأَخْذِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا إلَخْ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي غَالِبِ مَا عَبَّرَ بِهِ هُنَا لِعِبَارَةِ الْإِمْدَادِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ، فَأَوْهَمَ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مُصَدَّرَةٌ بِمَا يُصَحِّحُ الْعَطْفَ فِي الْمَذْكُورَاتِ، بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَتُهُ أَعَنَى الْإِمْدَادَ: وَوَجْهُ سَنِّ الْإِعَادَةِ فِيمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا تَحْصِيلُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ حَتَّى كَأَنَّهَا فُعِلَتْ كَذَلِكَ، وَجَمَاعَةً احْتِمَالُ اشْتِمَالِ الثَّانِيَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَكْمَلَ مِنْهَا ظَاهِرًا.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَسَائِلُ أَبْدَيْتهَا فِي بُشْرَى الْكَرِيمِ فَرَاجِعْهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَهَا لَا نَقْلَ فِيهِ، وَمِنْهَا أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً مَعَ الْمُنْفَرِدِ وَانْدَفَعَ فِي بَيَانِهَا بِمَا فِي الشَّرْحِ مَعَ زِيَادَةٍ فَجَمِيعُ مَا فِي الشَّارِحِ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّهُ مِنْ مَدْخُولِ هَذَا تَبَعًا لِلْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ حَذْفِ صَدْرِهَا الْمُصَحِّحِ لِذَلِكَ