لَا يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ الْعُرَاةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ. وَلَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ الْمُعِيدُ مِنْ الْجَمَاعَةِ كَأَنْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ الْمَشْرُوطُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَشَرْطُ صِحَّتِهَا الْجَمَاعَةُ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ لَا مُسَوِّغَ لِإِعَادَتِهَا إلَّا هِيَ. وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْجُمُعَةُ حَيْثُ جَازَ لَهُ فِيهَا الِانْفِرَادُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا فِي الْأُولَى فَقَطْ دُونَ الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الِانْفِرَادُ فِيهِ أَفْضَلَ الْقُدْوَةِ بِالْمُخَالِفِ لِمَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ مَعَهُ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَعَطُّلُ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ لِغِيبَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا: أَيْ فَتَجُوزُ الْإِعَادَةُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمْ. وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ: أَيْ وَكَذَا مِنْ الِانْفِرَادِ لَهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْجَمَاعَةِ لِمَا مَرَّ فِي الْعُرَاةِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي فَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ مَحْضٍ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ صَلَاةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفْلٌ، عَلَى أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ الْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ فِي غَيْرِ الْمُعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ) بِأَنْ كَانُوا بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ انْتَقَلَ لِجَمَاعَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ انْفَرَدَ فِي صَلَاتِهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَرَجَ لِعُذْرٍ كَأَنْ رُعِفَ إمَامُهُ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ فَيَشْكُلُ هَذَا بِمَا قَالَهُ سم مِنْ سُجُودِهِ لِسَهْوِ إمَامِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْفَرِدًا حَالَ سُجُودِهِ.
وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ زَمَانَهُ لَمَّا عُدَّ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ وَكَانَ الْإِمَامُ وَاحِدًا لَمْ يَضُرَّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ، بِخِلَافِ هَذَا فَيَضُرُّ الِانْفِرَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا.
وَبَقِيَ مَا لَوْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَسْهُوَ الْإِمَامُ بِرُكْنٍ وَيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ فَيُدْرِكُهَا جَمِيعَهَا مَعَ الْإِمَامِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ نَظَرًا لِذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ كَانَ لَابِسَ الْخُفِّ وَعَلِمَ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ بِبُطْلَانِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَدْرَكَ إمَامَ الْجُمُعَةِ فِي اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَمَا بَعْدَهُ حَيْثُ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ لَا الظُّهْرَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ إمَامَ الْجُمُعَةِ يَتَذَكَّرُ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَتَدَارَكُهُ بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ بَعْدَ اقْتِدَاءِ الْمَسْبُوقِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْجُمُعَةُ بِأَنَّهُ فِي الْجُمُعَةِ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهَا تَكُونُ جُمُعَةً أَوْ ظُهْرًا مَعَ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ، وَمَا هُنَا تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ فَضَرَّ.
وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ قَارَنَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي بَعْضِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَوْ كُلِّهَا هَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْكُلِّ حَاصِلَةٌ حَقِيقَةً وَفَضْلُهَا حَاصِلٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ: لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُفَارَقَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِتَحَرُّمِهَا وَإِنْ انْتَفَى الثَّوَابُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ لِنَحْوِ انْفِرَادٍ عَنْ الصَّفِّ أَوْ مُقَارَنَةِ أَفْعَالِ الْإِمَامِ. اهـ.
وَسُئِلْت أَيْضًا عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعِيدًا عَنْ الصَّفِّ فَهَلْ تُسَنُّ لَهُ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا لِكَرَاهَةِ فِعْلِ ذَلِكَ؟ فَأَجَبْت عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ تُطْلَبُ إعَادَتُهَا، وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا مَكْرُوهَةً. وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ مَرِيدُ الْإِعَادَةِ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ ابْتِدَاءً، وَاسْتَمَرَّ إلَى آخِرِهَا وَقُلْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا وَيَكْفِي مُجَرَّدُ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِانْتِفَاءِ الْفَضِيلَةِ فِيهَا.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا ذُكِرَ عَنْ حَجّ بِأَنَّ تِلْكَ حَصَلَ فِيهَا فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ وَعَرَضَتْ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَسْقَطَتْ الْفَضِيلَةَ فِي بَعْضِهَا وَهَذِهِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا فَضِيلَةٌ أَصْلًا. وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ: أَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إلَى آخِرِهَا أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِهَا لَكِنْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ عُدَّ مُنْقَطِعًا عَنْهُ بَطَلَتْ، وَأَنَّهُ لَوْ رَأَى جَمَاعَةً
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .