للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهَا فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الطَّهَارَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مَكْتُوبَةً: أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَنْذُورَةِ فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهَا بَلْ لَا تَنْعَقِدُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ أَعَادَهَا صَحَّتْ وَوَقَعَتْ نَفْلًا، وَهَذِهِ خَرَجَتْ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ مَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ كَالْفَرْضِ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى رَآهُمْ لَمْ يُصَلُّوهَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَصَرَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ وَوَجَدَ جَمَاعَةً فِي تِلْكَ الْمَقْصُورَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ يُتِمُّ، وَمَحَلُّ سَنِّ الْإِعَادَةِ لِمَنْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ أَجْزَأَتْهُ، فَلَوْ تَيَمَّمَ لِنَحْوِ بَرْدٍ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَذَا قِيلَ.

وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِجَوَازِ تَنَفُّلِهِ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَلَبَّسَ بِفَرْضِ الْوَقْتِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ثُمَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَشَكَّ هَلْ هُمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا امْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَعْيَانِ) وَكَذَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الضُّحَى مَثَلًا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا تَنْعَقِدُ) أَيْ مِنْ الْعَالِمِ سم.

وَعِبَارَةُ حِجْ: وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي فَرْضًا مُؤَدَّاةُ غَيْرِ الْمَنْذُورَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا وَغَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَوْ شِدَّتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ احْتَمَلَ الْمُبْطِلَ فِيهَا لِلْحَاجَةِ فَلَا يُكَرَّرُ، فَجَعَلَ الْمَنْذُورَةَ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ لَمَّا عَبَّرَ بِالْمَكْتُوبَةِ جَعَلَ الْمَنْذُورَةَ فِيهَا خَارِجَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَادَهَا صَحَّتْ) أَيْ وَلَوْ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَكَأَنَّ وَجْهَ خُرُوجِهَا عَنْ نَظَائِرِهَا أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ التَّوَسُّعَةُ فِي حُصُولِ نَفْعِ الْمَيِّتِ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ كَالْفَرْضِ) اعْتَمَدَهُ حَجّ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ وِتْرُ رَمَضَانَ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُمْ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةِ مَحَلِّهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ. لَكِنْ قَالَ م ر: لَا تُعَادُ لِحَدِيثِ «لَا وِتْرَانِ» وَهُوَ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ خَبَرِ الْإِعَادَةِ. اهـ. وَأَقُولُ: بَلْ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَعَارُضٌ فِي إعَادَةِ الْوِتْرِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ تَتَعَدَّدْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تَصِحُّ إعَادَتُهَا لَا ظُهْرًا وَلَا جُمُعَةً حَيْثُ صَحَّتْ الْأُولَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَمَلَتْ عَلَى خَلَلٍ يَقْتَضِي فَسَادَهَا وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهَا جُمُعَةً فَيَجِبُ فِعْلُ الظُّهْرِ وَلَيْسَ بِإِعَادَةِ الْمَعْنَى الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لَا تُعَادُ جُمُعَةً إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ لِمَحَلٍّ آخَرَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ تُقَامُ فِيهِ. أَمَّا كَوْنُهَا لَا تُعَادُ ظُهْرًا فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ، كَمَا يُصَرِّحُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ شَارِحِ الْإِرْشَادِ، وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا، وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ فِيهِمَا وَلَا تَجُوزُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَكَذَا عَكْسُهُ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ فِي فَتَاوِيهِ الْكُبْرَى: وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا نُدِبَتْ لِتَحْصِيلِ كَمَالٍ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ يَقِينًا إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا، أَوْ ظَنًّا أَوْ رَجَاءً إنْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً، وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ أَكْمَلَ ظُهْرًا، وَمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ كَانَتْ هِيَ فَرْضَ وَقْتِهِ فَإِعَادَتُهُ الظُّهْرَ لَا تَرْجِعُ بِكَمَالٍ عَلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ وَقْتِهِ أَصْلًا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي إعَادَةِ الظُّهْرِ كَمَالٌ يَرْجِعُ بِفَرْضِ الْوَقْتِ امْتَنَعَتْ إعَادَةُ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا عَبَثٌ، وَالْعِبَادَاتُ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَرَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُمْ فَتَجُوزُ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ تَامَّةً لِوُجُوبِ الْإِتْمَامِ عَلَيْهِ حَيْثُ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ (قَوْلُهُ: وَوَجَدَ جَمَاعَةً فِي تِلْكَ الْمَقْصُورَةِ) أَيْ يُرِيدُونَ فِعْلَهَا تَامَّةً مِثْلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُتِمُّ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ مَعَهُمْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي جَمِيعِهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ فِعْلُهَا مَعَهُمْ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ إلَخْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَفْعَلَهَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ خَلْفَ مُتِمٍّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ عُمُومِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي بُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ لَهُ الْإِعَادَةُ إذَا أَحْرَمَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) لَيْسَ هَذَا مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ، وَإِنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>