للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَإِسْكَانُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (شَدِيدٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا كَالْمَطَرِ بَلْ هُوَ أَشُقُّ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ. وَالثَّانِي لَا لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِالنِّعَالِ وَنَحْوِهَا. وَالشَّدِيدُ: مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَقَدْ حُذِفَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَالتَّحْقِيقُ: التَّقْيِيدُ بِالشَّدِيدِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَجَرَى ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ عَلَى التَّقْيِيدِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

وَمِثْلُ الْوَحَلِ فِيمَا ذَكَرَ كَثْرَةُ وُقُوعِ الْبَرْدِ أَوْ الثَّلْجِ عَلَى الْأَرْضِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الْمَشْيُ عَلَى ذَلِكَ كَمَشَقَّتِهِ فِي الْوَحَلِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ حِبَّانَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَصَابَهُمْ مَطَرٌ لَمْ يَبُلَّ أَسْفَلَ نِعَالِهِمْ أَنْ يُنَادَى بِصَلَاتِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ» فَمَفْرُوضٌ فِي الْمَطَرِ وَكَلَامُنَا هُنَا فِي وَحَلٍ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ.

(أَوْ خَاصٌّ كَمَرَضٍ) مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ بَلْ يُشْغِلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ لِلْحَرَجِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَطَرِ. أَمَّا الْخَفِيفُ كَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَرَضًا.

(وَحَرٌّ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الظُّهْرِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَتَقْيِيدُهُ بِوَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا، وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ الْمُتَقَدِّمَةِ خِلَافًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُصَنِّفِ بِعَاصِفٍ جَوَازُ التَّذْكِيرِ أَيْضًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس: ٢٢] وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: بَعْدَ رِيحٍ شَدِيدَةٍ قَالَ عَمِيرَةُ: أَفَادَ بِقَوْلِهِ شَدِيدَةٍ أَنَّ الرِّيحَ مُؤَنَّثَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ عَاصِفٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ عَلَى الْأَكْثَرِ فَيُقَالُ هِيَ الرِّيحُ، وَقَدْ تَذَّكَّرُ عَلَى مَعْنَى الْهَوَاءِ فَيُقَالُ هُوَ الرِّيحُ وَهَبَّ الرِّيحُ نَقَلَهُ أَبُو زَيْدٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالشَّدِيدُ مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ) أَيْ لِأَسْفَلِ الرِّجْلِ، بِخِلَافِ الْخَفِيفِ، وَهُوَ مَا لَا يُلَوِّثُ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَقَلَّ أَنْ تُوجَدَ صُورَةٌ لَا يَكُونُ الْوَحْلُ فِيهَا شَدِيدًا (قَوْلُهُ: التَّقْيِيدُ) أَيْ بِالتَّشْدِيدِ.

(قَوْلُهُ: يَسْقُطُ الْقِيَامُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ مَا أَذْهَبَ الْخُشُوعَ مُسْقِطٌ لِوُجُوبِ الْقِيَامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَشَقَّةٍ قَوِيَّةٍ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْ الْخُشُوعِ أَصْلًا وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُذْهِبُ كَمَالَ الْخُشُوعِ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ

(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِأَصْلِهِ) أَيْ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ حَرٍّ: أَيْ وَلَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ يَقِيهِ الْحَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ظِلٍّ لَا يَمْنَعُ مِنْ إدْرَاكِ أَثَرِ الْحَرِّ، وَكَلَامُ سم عَلَى خِلَافِهِ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: التَّلْوِيثُ) أَيْ لِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا لِنَحْوِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِذَلِكَ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ خُصُوصًا مَعَ وَصْفِهِ بِالشِّدَّةِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالتَّفَاحُشِ، عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ خَفِيفٌ إذْ كُلُّ وَحْلٍ يُلَوِّثُ أَسْفَلَ الرِّجْلِ.

(قَوْلُهُ: مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهُ فِي الْمَطَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ حَتَّى تَتَأَتَّى هَذِهِ الْإِحَالَةُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَرَضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالشَّاقُّ إنَّمَا هُوَ الْمَشْيُ مَعَهُ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ كَنَظَائِرِهِ لَا فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا ضَابِطٌ لِلْمَرَضِ الَّذِي يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَشْيُ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى مَعَهُ شَغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الَّذِي يَشْغَلُ عَنْ الْخُشُوعِ غَيْرُ الَّذِي يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، وَالْمُسْقِطُ لِلْقِيَامِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ أَصْلِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَبْقَى مَعَهُ أَثَرُ الْمَشْيِ فِي هَذَا إلَى أَنْ يَشْغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ قَبْلَ الْمَشْيِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ) مُرَادُهُ أَنَّهُ عُلِمَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ حُكْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>