وَلِيُّهُ لِلطَّوَافِ كَمَا سَيَأْتِي، وَوُضُوءُ الْحَنَفِيِّ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ رَفَعَ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُخَالِفِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ إذَا مَسَّ فَرْجَهُ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ لِاشْتِرَاطِ الرَّابِطَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ لَا فِي الطَّهَارَاتِ وَاحْتِيَاطًا فِي الْبَابَيْنِ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَسْلِ بَدَلِ مَسْحٍ مِنْ رَأْسٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ فِي غُسْلِ مَيِّتٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ مُمْتَنِعَةٍ عَنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا (قِيلَ وَنَفْلُهَا) كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْوُضُوءُ الْمُجَدَّدُ وَالْغُسْلُ الْمَسْنُونُ (غَيْرُ طَهُورٍ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي طَهَارَةٍ فَكَانَ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ طَهُورٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي نَقْلِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْجَدِيدِ طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي الْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّجَاسَةِ فِي بَابِهَا.
(فَإِنْ جَمَعَ قُلَّتَيْنِ فَطَهُورٌ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ الْآتِي كَالْمُتَنَجِّسِ إذَا جُمِعَ فَبَلَغَهُمَا وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ بَلْ أَوْلَى، وَكَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَا بُدَّ فِي انْتِفَاءِ الِاسْتِعْمَالِ عَنْهُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ أَنْ يَكُونَا مِنْ مَحْضِ الْمَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالثَّانِي لَا وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالْجَمْعِ عَنْ وَصْفِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ النَّجَسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَاءَ مَادَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَادَامَتْ الْحَاجَةُ بَاقِيَةً، فَلَوْ انْغَمَسَ جُنُبٌ أَوْ مُحْدِثٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ نَوَى ارْتَفَعَ حَدَثُهُ عَنْ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ فِي الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ، وَصَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ لَا إلَيْهِ، فَيَرْتَفِعُ بِهِ حَدَثٌ يَطْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ رَأْسُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ طُهْرَ الْجُزْءِ الْمُلَاقِي لِلْمَاءِ، وَلَهُ إتْمَامُ غَسْلِهِ بِالِانْغِمَاسِ دُونَ الِاغْتِرَافِ، وَلَوْ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبَانِ ثُمَّ نَوَيَا مَعًا ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُمَا، أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ، أَوْ انْغَمَسَ بَعْضُهُمَا ثُمَّ نَوَيَا مَعًا ارْتَفَعَتْ عَنْ جُزْأَيْهِمَا وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا أَوْ مُرَتَّبًا، فَعَنْ جُزْءِ الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرِ وَحُكْمُ إتْمَامِ بَاقِي الْأَوَّلِ مَا مَرَّ، وَلَوْ غَرَفَ الْمُحْدِثُ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ بِأَحَدِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ: أَيْ كَمَا أَنَّ الْغَسَّالَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي غَسْلِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ الْحِسِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ تَتَغَيَّرُ عَادَةً، كَذَلِكَ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي إزَالَةِ الْمَنْعِ الَّذِي هُوَ مُسْتَقْذَرٌ مَعْنَوِيٌّ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَسَّالَةِ فِي هَذَا التَّشْبِيهِ الْغَسَّالَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي إزَالَةِ الْخَبَثِ أَوْ الْحَدَثِ حَتَّى يَلْزَمُ قِيَاسَ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ، فَسَقَطَ مَا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْعِبَادَةِ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي نَقْلِ الطَّهَارَةِ غَيْرَ طَهُورٍ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ وُضُوءَ الصَّبِيِّ) إذَا وَضَّأَهُ وَلِيُّهُ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَذَا الْوُضُوءِ إذَا بَلَغَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ بِوُضُوءِ وَلِيِّهِ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا قِيلَ فِي زَوْجِ الْمَجْنُونَةِ إذَا غَسَلَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهَا إذَا أَفَاقَتْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ الطُّهْرِ، أَمَّا الْمُمَيِّزُ إذَا تَوَضَّأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بَلَغَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ النِّيَّةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ انْتَهَى شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابِيَّةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَنَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ مِثْلُهَا، وَشَمِلَ التَّعْبِيرُ بِالْكِتَابِيَّةِ الذِّمِّيَّةَ وَالْحَرْبِيَّةَ.
(قَوْلُهُ: لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا) وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا أَوْ الْحَلِيلُ كَافِرًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ قِيلَ وَنَفْلُهَا (قَوْلُهُ: طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْفَرْضِ قَوْلَيْنِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا، وَفِي النَّفْلِ بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْفَرْضِ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ طَهُورٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ تَكْمِيلُ الْمَاءِ النَّاقِصِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ) أَيْ وَدَوَامُهَا بِأَنْ لَا يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ لَا مُجَرَّدَ ارْتِفَاعِ حَدَثِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ رَأْسَهُ) أَيْ أَوْ بَعْضَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ إتْمَامِ بَاقِي الْأَوَّلِ مَا مَرَّ) أَيْ فَلَهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِالِانْغِمَاسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَرَفَ الْمُحْدِثُ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ إلَخْ) .
[فَائِدَةٌ]
لَوْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ فِي يَدِهِ فَاتَّصَلَتْ: أَيْ يَدُهُ بِالْمَاءِ الَّذِي اغْتَرَفَ مِنْهُ، فَإِنْ قَصَدَ الِاغْتِرَافَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمِلْءِ هَذَا الْإِنَاءُ مِنْ الْمَاءِ فَلَا اسْتِعْمَالَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مُطْلَقًا فَهَلْ يَنْدَفِعُ الِاسْتِعْمَالُ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ قَرِينَةٌ عَلَى
[حاشية الرشيدي]
عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت طَهُورٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ إذَا مَسَّ فَرْجَهُ) أَيْ أَوْ إذَا تَوَضَّأَ بِلَا نِيَّةٍ الَّذِي هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute