للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَّيْهِ قَبْلَ تَمَامِ غَسْلِ وَجْهِهِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا، وَكَذَا قَبْلَ تَمَامِ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ لَهُ إنْ قَصَدَهَا، أَوْ بَعْدَ الْأُولَى إنْ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا وَكَانَ نَاوِيًا الِاغْتِرَافَ، وَإِلَّا صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَلَوْ غَسَلَ بِمَا فِي كَفِّهِ بَاقِيَ يَدِهِ لَا غَيْرَهُ أَجْزَأَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ نَفْيُ رَفْعِ الْحَدَثِ

(وَلَا تُنَجَّسُ قُلَّتَا الْمَاءِ بِمُلَاقَاةِ نَجَسٍ) لِحَدِيثِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» أَيْ يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الظُّلْمَ: أَيْ يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي كَثْرَتِهِ عَمَلًا بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ وَلِأَنَّا شَكَكْنَا فِي نَجَاسَةٍ مُنَجِّسَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ جَمَعَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَشَكَّ فِي وُصُولِهِ لَهُمَا، كَمَا لَوْ شَكَّ الْمَأْمُومُ هَلْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ أَمْ لَا، فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ جَاءَ مِنْ قُدَّامِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ أَيْضًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقُلَّتَيْنِ قُوَّةُ التَّرَادِّ، فَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي حُفْرَتَيْنِ فِي كُلِّ حُفْرَةٍ قُلَّةٌ وَبَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ مِنْ نَهْرٍ صَغِيرٍ غَيْرِ عَمِيقٍ فَوَقَعَ فِي إحْدَى الْحُفْرَتَيْنِ نَجَاسَةٌ قَالَ الْإِمَامُ: فَلَسْت أَرَى أَنَّ مَا فِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِاغْتِرَافِ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى مَنْ اعْتَادَ التَّثْلِيثَ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِقَرِينَةِ اعْتِيَادِ التَّثْلِيثِ أَوْ يَصِيرُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ تُوجِبُ عَدَمَ دُخُولِ وَقْتِ غَسْلِ الْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّ الْيَدَ دَخَلَتْ فِي وَقْتِ غَسْلِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الثَّانِي انْتَهَى مَرَّ.

وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فِي التَّثْلِيثِ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يُثَلِّثُ وَأُخْرَى لَا يُثَلِّثُ وَاسْتَوَيَا فَهَلْ يَحْتَاجُ النِّيَّةَ لِاغْتِرَافٍ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ عِنْدَ أَوَّلِ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ، فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا أَثَرَ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ ذَكَرَ خِلَافَ ذَلِكَ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ. قُلْت: وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَتْ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْهَا عِنْدَ الِاغْتِرَافِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهَا) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرَهُ أَجْزَأَهُ) أَيْ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَدْخَلَ إحْدَى يَدَيْهِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، أَمَّا لَوْ أَدْخَلَهُمَا مَعًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِيهِمَا بَاقِيَ إحْدَاهُمَا وَلَا بَاقِيَهُمَا وَذَلِكَ لِرَفْعِ الْمَاءِ حَدَثَ الْكَفَّيْنِ، فَمَتَى غَسَلَ بَاقِيَ إحْدَاهُمَا فَقَدْ انْفَصَلَ مَا غَسَلَ بِهِ عَنْ الْأُخْرَى وَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ وُضُوحُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ بِأَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْيَدَ الْيُسْرَى مُعِينَةٌ لِلْيُمْنَى فِي أَخْذِ الْمَاءِ.

فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ ارْتَفَعَ حَدَثُ الْكَفَّيْنِ مَعًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ سَاعِدَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ يَصُبَّهُ ثُمَّ يَأْخُذَ غَيْرَهُ لِغَسْلِ السَّاعِدِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَأَنَّ الْيَدَيْنِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ، فَمَا فِي الْكَفَّيْنِ إذَا غَسَلَ بِهِ السَّاعِدَ لَا يُعَدُّ مُنْفَصِلًا عَنْ الْعُضْوِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَمِثْلُ الْحَنَفِيَّةِ الْوُضُوءُ بِالصَّبِّ مِنْ إبْرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ نَفْيُ رَفْعِ الْحَدَثِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ وَرَفْعَ الْحَدَثِ ضَرَّ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: نَفْيُ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الِاغْتِرَافَ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ، بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ نِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا قَصْدُ إخْرَاجِ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ لِيُرْفَعَ بِهِ الْحَدَثُ خَارِجَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُنَجَّسُ قَلَّتَا الْمَاءِ إلَخْ) أَيْ الْخَالِصِ، أَمَّا مَا دُونَهُمَا وَكَمُلَ بِطَاهِرٍ كَمَاءِ وَرْدٍ وَفُرِضَ غَيْرَ مُغَيَّرٍ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَكِنَّهُ يَنْجُسُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ، فَحُكْمُهُ فِي التَّنَجُّسِ حُكْمُ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ خَبَثًا بِدُونِ (الـ) انْتَهَى. وَفِي الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا الْخَبَثُ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ) لَعَلَّ وَجْهَ الشُّمُولِ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَا تَنْجُسُ قُلَّتَا الْمَاءِ وَلَوْ احْتِمَالًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّا شَكَكْنَا فِي نَجَاسَةٍ مُنَجِّسَةٍ) أَيْ فِي كَوْنِ النَّجَاسَةِ مُنَجِّسَةً، فَالنَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةٌ وَكَوْنُهَا مُنَجَّسَةً مَشْكُوكٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَهْرٍ صَغِيرٍ غَيْرِ عَمِيقٍ) وَضَابِطُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَسْأَلَتُنَا وَكَانَ التَّمْثِيلُ بِهِ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ إلَخْ) فِي الشُّمُولِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَتَّضِحُ لَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفُ قُلَّتَا الْمَاءِ نَحْوَ قَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَا قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا نَهْرٌ صَغِيرٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>