للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّعَلُّمِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْتَدِي بِحَالِهِ؛ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا مَثَلًا وَمِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ التَّحَمُّلُ كَمَا مَرَّ، وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السَّرِيَّةِ دُونَ الْجَهْرِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ فِي الْجَهْرِيَّةِ بَلْ يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ فِيهَا، وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ أَيْضًا، وَالْأُمِّيُّ مَنْسُوبٌ لِلْأُمِّ كَأَنَّهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلُهُ لُغَةً لِمَنْ لَا يَكْتُبُ، وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا ذُكِرَ مَجَازًا.

وَقَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ رَاجِعٌ إلَى اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ لَا إلَى مَا قَبْلَهُ (وَهُوَ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ إخْرَاجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ (أَوْ تَشْدِيدَةِ مِنْ الْفَاتِحَةِ) ؛ لِرَخَاوَةٍ فِي لِسَانِهِ، وَمَنْ يُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ مَعَ مَنْ لَا يُحْسِنُ إلَّا الذِّكْرَ، وَحَافِظِ نِصْفِ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ بِحَافِظِ نِصْفِهَا الثَّانِي مَثَلًا كَقَارِئٍ مَعَ أُمِّيٍّ، وَنَبَّهَ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُحْسِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

وَلَوْ أَحْسَنَ أَصْلَ التَّشْدِيدِ وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي (وَمِنْهُ أَرَتٌّ) بِمُثَنَّاةٍ مُشَدَّدَةٍ (يُدْغَمُ) بِإِبْدَالٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) أَيْ الْإِدْغَامِ الْمَفْهُومِ مِنْ يُدْغِمُ فَلَا يَضُرُّ إدْغَامٌ فَقَطْ كَتَشْدِيدِ لَامِ أَوْ كَافِ مَالِكٍ (وَ) مِنْهُ (أَلْثَغُ) بِمُثَلَّثَةٍ (يُبْدِلُ حَرْفًا بِحَرْفٍ) كِرَاءٍ بِغَيْنٍ وَسِينٍ بِثَاءٍ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ اللُّثْغَةُ يَسِيرَةً بِأَنْ لَمْ تَمْنَعْ أَصْلَ مَخْرَجِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَافٍ لَمْ تُؤَثِّرْ، وَالْإِدْغَامُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الْمُبْطِلِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِبْدَالِ إلَّا أَنَّهُ إبْدَالُ خَاصٍّ، فَكُلُّ أَرَتَّ أَلْثَغَ وَلَا عَكَسَ.

(وَتَصِحُّ) قُدْوَةُ أُمِّيٍّ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (بِمِثْلِهِ) فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْإِبْدَالِ كَمَا لَوْ عَجَزَا عَنْ الرَّاءِ وَأَبْدَلَهَا أَحَدُهُمَا غَيْنًا وَالْآخَرُ لَامًا، بِخِلَافِ عَاجِزٍ عَنْ رَاءٍ بِعَاجِزٍ عَنْ سِينٍ، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَطَهَّرَ فِي غَيْبَتِهِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ تَطَهَّرَ بَعْدَ حَدَثِهِ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَلَيْسَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْأُمِّيِّ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأُمِّيَّةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ التَّوَقُّفِ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اسْتَوَى عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَانِ، وَمَا نَقَلَ الْفَتَاوَى مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ بِقَرِينَةٍ إفَادَتِهِ الظَّنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ فَلَا تَنْعَقِدُ لِلْجَاهِلِ بِحَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ الْحَالُ إلَّا بَعْدُ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ مَجَازًا) أَيْ ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: لَا إلَى مَا قَبْلَهُ) وَيَدُلُّ لِذَلِكَ إعَادَةُ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ إلَخْ) عَمِيرَةُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ إلَّا بَعْدَ الْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ فَتَفَطَّنْ لَهُ انْتَهَى. أَقُولُ: الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ هُوَ نَقْصُهُ بِالْأُمِّيَّةِ كَالْأُنُوثَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الْإِخْلَالِ تَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: كَقَارِئٍ مَعَ أُمِّيٍّ) هَذَا وَاضِحٌ فِيمَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ مَعَ مَنْ يَحْفَظُ الذِّكْرَ، أَمَّا مَنْ يَحْفَظُ نِصْفَ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ مَعَ مَنْ يَحْفَظُ الثَّانِيَ فَكَأُمِّيَّيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَكَأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي الْقَارِئِ مَعَ الْأُمِّيِّ بِالنَّظَرِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَحْفَظُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تُؤَثِّرْ) عَمِيرَةُ عَنْ أَبِي غَانِمٍ ملقى ابْنِ سُرَيْجٍ قَالَ: انْتَهَى سُرَيْجٌ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَانَتْ لُثْغَتُهُ يَسِيرَةً، وَفِي مِثْلِهَا: فَقُلْت لَهُ هَلْ تَصِحُّ إمَامَتِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَإِمَامَتِي أَيْضًا. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ قُدْوَةُ أُمِّيٍّ) ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا) مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا، وَلَا تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ وَفِيهِمْ أُمِّيٌّ لِارْتِبَاطِ صِحَّةِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصَّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ) لَوْ اسْتَوَيَا فِي الْإِخْلَالِ بِحَرْفٍ مُعَيَّنٍ وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْلَالِ بِشَيْءٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ اقْتِدَاءِ ذِي الزِّيَادَةِ بِالْآخَرِ دُونَ الْعَكْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَبْدَلَهَا أَحَدُهُمَا غَيْنًا وَالْآخَرُ لَامًا) قَالَ عَمِيرَةُ: وَمِثْلُهُ أَيْ فِي الصِّحَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَقْتَدُونَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ فِي الْجُمْلَةِ لَوْ كَانَ مُتَطَهِّرًا (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُحْسِنْهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ الْأُمِّيُّ قَاصِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>