للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ صَاحِبُهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ، وَلَوْ عَجَزَ إمَامُهُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِخَرَسٍ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ صَحِيحٌ، وَلَا كَذَلِكَ الْقَارِئُ بِالْأَخْرَسِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِخَرَسِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَعَادَ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْخَرَسِ نَادِرٌ، بِخِلَافِ طُرُوُّ الْحَدَثِ.

وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ مَنْ يُحْسِنُ نَحْوَ التَّكْبِيرِ أَوْ التَّشَهُّدِ أَوْ السَّلَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا. وَوَجَّهَهُ أَنَّ هَذِهِ لَا مَدْخَلَ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ فِيهَا فَلَمْ يَنْظُرْ لِعَجْزِهِ عَنْهَا، وَتَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِمَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ أَوْ قِرَاءَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، فَإِنْ أَسَرَّ هَذَا فِي جَهْرِيَّةٍ أَعَادَ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ، وَيَلْزَمُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ، أَمَّا فِي السَّرِيَّةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ.

نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، لَا إنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ الْجَهْرِيَّةِ: نَسِيت الْجَهْرَ أَوْ أَسْرَرْت لِكَوْنِهِ جَائِزًا وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَإِنْ لَمْ يَجْهَلْ الْمَأْمُومُ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، إذْ مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ بَعْدَ إسْرَارِهِ لَا تَبْطُلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ يُسْقِطُ الْحَرْفَ الْأَخِيرَ وَالْآخَرُ يُبْدِلُهُ. انْتَهَى.

أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، لَكِنَّ الْآتِيَ بِالْبَدَلِ قِرَاءَتُهُ أَكْمَلُ وَأَتَمُّ مِمَّا لَمْ يَأْتِ لَهَا بِبَدَلٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْقَطَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْحَرْفِ الْأَصْلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ: أَخْرَسُ بِأَخْرَسَ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ وَوَجَّهَ أَيْ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ ذَلِكَ بِمَا حَاصِلُهُ الْجَهْلُ بِتَمَاثُلِهِمَا لِجَوَازِ أَنْ يُحْسِنَ أَحَدُهُمَا مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ كَمَا لَوْ كَانَا نَاطِقَيْنِ اهـ.

وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْخَرَسِ الطَّارِئِ، وَيُوَجَّهُ فِي الْأَصْلِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا قُوَّةٌ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ نَاطِقًا أَحْسَنَ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ. اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَمْ يَرِدْ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَلَى التَّوْجِيهِ فِي الْخِلْقِيِّ (قَوْلُهُ: أَعَادَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ سَرِيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً.

(قَوْلُهُ: بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا) صَادِقٌ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِلُغَةٍ أَصْلًا وَالتَّعْلِيلُ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْأَخْرَسِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ حَالِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنْ مُمَاثَلَةٍ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسَرَّ هَذَا) أَيْ مَنْ جُهِلَتْ قِرَاءَتُهُ فَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ: أَعَادَ الْمَأْمُومُ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يُخْبِرْهُ بَعْدَ السَّلَامِ بِأَنَّهُ أَسَرَّ نَاسِيًا مَثَلًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَهُ إدَامَةُ الْقُدْوَةِ مَعَهُ إلَى السَّلَامِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَبْحَثْ عَنْ حَالِهِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى فَيَنْبَغِي عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي السَّرِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ قَرَأَ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَسْمَعْهُ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْهَلْ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ لِتَرَدُّدِ الْمَأْمُومِ فِي صِحَّةِ قُدْوَتِهِ بِإِسْرَارِ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ عَمَلًا إلَخْ قَدْ يُمْنَعُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ يُفِيدُ ذَلِكَ، بَلْ قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ يُؤَيِّدُ كَلَامَ السُّبْكِيّ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ) وَجْهُ عِلْمِهِ مِنْهُ مَا يُؤْخَذُ مِمَّا وَجَّهُوا بِهِ الْحُكْمَ مِنْ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ لِجَوَازِ أَنْ يُحْسِنَ أَحَدُهُمَا مَا لَمْ يُحْسِنْهُ الْآخَرُ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ بِمِثْلِهِ: أَيْ الَّذِي مُمَاثَلَتُهُ لَهُ مُحَقَّقَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَخَرَجَ بِهِ الْأَخْرَسُ مَعَ الْأَخْرَسِ لِلتَّوْجِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ، وَالشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ جَعَلَ الضَّمِيرَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُحْسِنُ مَا لَمْ يُحْسِنْهُ صَاحِبُهُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِحْسَانِ فِيهِ مُحَقَّقٌ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمُحْتَمَلِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ) فِي قَوْلِهِ بِلُزُومِ الْإِعَادَةِ إذَا لَمْ يَجْهَلْ الْمَأْمُومُ وُجُوبَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>