للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ.

وَهَذَا، وَإِنْ عَارَضَهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ تَرَجَّحَ عَلَيْهِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْبِرَ إمَامُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ بِأَنَّهُ أَسَرَّ نَاسِيًا أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فَسَوَّغَ بَقَاءَ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ وَجَدَ الْإِخْبَارَ الْمَذْكُورَ عَمِلَ بِالْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَبِالثَّانِي، وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ جَهْرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا حَتَّى تَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ. وَجَوَازُ الِاقْتِدَاءِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ ثُمَّ ظَهَرَ الْخَطَأُ فَإِنَّهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ، كَذَا أَفَادَنِيهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهُ سِوَاهُ.

وَمَنْ جَهِلَ حَالَ إمَامِهِ الَّذِي لَهُ حَالَتَا جُنُونٍ، وَإِفَاقَةٍ، وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ فَلَمْ يَدْرِ هُوَ فِي أَيِّهِمَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ بَلْ تُسَنُّ.

(وَتُكْرَهُ) الْقُدْوَةُ (بِالتَّمْتَامِ) وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ التَّأْتَأَةُ (وَالْفَأْفَاءِ) وَهُوَ بِهَمْزَتَيْنِ وَمَدٍّ فِي آخِرِهِ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَالْوَأْوَاءِ وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْوَاوَ، وَكَذَا سَائِرِ الْحُرُوفِ لِزِيَادَتِهِ، وَنُفْرَةِ الطَّبْعِ عَنْ سَمَاعِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا فَاءَ فِيهَا، وَجَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ مَعَ زِيَادَتِهِمْ؛ لِعُذْرِهِمْ فِيهَا (وَاللَّاحِنِ) لَحْنًا غَيْرَ مُغَيِّرِ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَكَسْرِ بَائِهَا وَنُونِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالتَّعْلِيلِ قَوْلَهُ قَبْلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.

[فَرْعٌ] لَوْ بَانَ الْإِمَامُ تَارِكًا لِلْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ هَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا أَوْ لَا مُطْلَقًا، أَوْ لَا يَجِبُ فِي السَّرِيَّةِ وَيَجِبُ فِي الْجَهْرِيَّةِ؟ مَالَ م ر إلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْقِرَاءَةِ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا. اهـ.

وَأَقُولُ: الْوُجُوبُ لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا قُرِّرَ فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ ثُبُوتِ التَّرْكِ أَنَّهُ أَسَرَّ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إحْسَانُ الْقِرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا بَانَ قَارِئًا لَكِنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ صَرَّحَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ بِالْبُطْلَانِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ يُطَّلَعُ عَلَيْهَا، فَقَدْ يُقَاسُ بِذَلِكَ تَرْكُ الْفَاتِحَةِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الْجَهْرَ بِالتَّكْبِيرِ دُونَ الْفَاتِحَةِ فِي السَّرِيَّةِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي السَّرِيَّةِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِالْأَوَّلِ) هُوَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَالثَّانِي الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ إلَى آخِرِهِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فَسَوَّغَ بَقَاءُ الْمُتَابَعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ) تَرَدُّدُهُ فِي هَذِهِ لَيْسَ لِخَلَلٍ مُتَعَلِّقٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ، بَلْ تَرَدُّدُهُ فِي صِحَّةِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ يُورِثُ تَرَدُّدًا فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ نَفْسِهِ بِتَقْدِيرِ الِانْفِرَادِ لِاتِّحَادِ الْجِهَةِ الَّتِي اسْتَقْبَلَاهَا.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ جَهِلَ حَالَ إمَامِهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ وَتَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ الْآنَ فِي حَالَةِ الْجُنُونِ أَوْ الْإِفَاقَةِ، وَلِمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ فُلَانٌ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلِمَ بِهِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ حَالَ الْقُدْوَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حَالَةَ التَّحَرُّمِ، وَيَنْبَغِي لَهُ الِاسْتِئْنَافُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي الْأَثْنَاءِ، وَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ تُسَنُّ) أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ إعَادَتَهُ لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْفَضِيلَةِ بَلْ لِاحْتِمَالِ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ.

(قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْقُدْوَةُ بِالتِّمْتَامِ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الِاخْتِيَارُ: أَيْ الْأَوْلَى فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ فَصِيحَ اللِّسَانِ حَسَنَ الثِّيَابِ مُرَتِّلًا لِلْقُرْآنِ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ) هَلْ وَلَوْ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ لَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ أَوْ لَا، أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ كَثْرَةِ الْمُكَرَّرِ وَعَدَمِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ كَثُرَ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: لِعُذْرِهِمْ فِيهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ تَعَمَّدُوا ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا يُكَرِّرُهُ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاللَّاحِنُ) عَمِيرَةُ اللَّحْنُ بِالسُّكُونِ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَبِالْفَتْحِ الْفَطِنَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «فَلَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَلْحَنُ بِالْحُجَّةِ» . اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّحَنِ بِالْفَتْحِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ عَدَمُ الْمُتَابَعَةِ فَمُتَابَعَتُهُ مُبْطِلَةٌ لِصَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>