للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِبَقَاءِ الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَمِّدُ لِذَلِكَ آثِمًا، وَضَمِّ صَادِ الصِّرَاطِ وَهَمْزَةِ اهْدِنَا وَنَحْوِهِ كَاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ تُسَمِّهِ النُّحَاةُ لَحْنًا (فَإِنْ) لَحَنَ لَحْنًا (غَيَّرَ مَعْنًى كَ أَنْعَمْت بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ) أَوْ أَبْطَلَهُ كَالْمُسْتَقِينَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ مِنْهُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى، أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْأَلْثَغِ، وَمُرَادُهُ بِاللَّحْنِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْإِبْدَالَ.

(أَبْطَلَ) (صَلَاةَ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمَ) وَلَمْ يَتَعَلَّمْ لِعَدَمِ كَوْنِهِ قُرْآنًا، وَلَوْ تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ قَبْلَ السَّلَامِ أَعَادَ وَلَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى لِحُرْمَتِهِ وَأَعَادَ لِتَقْصِيرِهِ، وَحَذَفَ هَذَا مِنْ الْمُحَرَّرِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا وَالِاقْتِدَاءُ مُمْتَنِعٌ بِهِ فِي الْحَالَيْنِ (فَإِنْ عَجَزَ لِسَانُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ تَعَلُّمِهِ) مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ فِيمَنْ طَرَأَ إسْلَامُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَمِنْ التَّمْيِيزِ فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، إذْ كُلٌّ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهَا بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ.

هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَكْلِيفِهِ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالْخِطَابُ فِي ذَلِكَ مُتَوَجِّهٌ لِوَلِيِّهِ دُونَهُ (فَإِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ) أَوْ بَدَلِهَا (فَكَأُمِّيٍّ) وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا وَغَيْرِ بَدَلِهَا (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ وَعُذِرَ بِهِ أَوْ نَاسِيًا أَنَّهُ لَحْنٌ أَوْ كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ بِهَذَا الشَّرْطِ مُغْتَفَرٌ لَا يُبْطِلُهَا، وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ بُطْلَانِهَا بِالتَّغْيِيرِ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَالِمًا مُتَعَمِّدًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ، وَشَرْطُ إبْطَالِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا فِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمَعْنَاهُ أَشَدُّ لَحْنًا مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ) أَيْ أَوْ فَتْحِهَا (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَقِينَ) التَّمْثِيلُ بِهِ لَا يُظْهِرُ مَعْنَاهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ هَذَا الْمُرَكَّبَ مِنْ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ لَفْظٌ لَا مَعْنًى لَهُ، بِخِلَافِ {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] فَإِنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَهُ مَعْنًى لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فِي الْآيَةِ فَلَا يُقَالُ الْمُسْتَقِينَ جَمْعَ مُسْتَقْنٍ.

فَالْحَاصِلُ فِيهِ تَغَيُّرُ الْمَعْنَى لَا إبْطَالُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إبْطَالُهُ إزَالَةُ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ حَدَثَ لَهُ مَعْنًى آخَرُ فَالْمُسْتَقِينَ بِالنُّونِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَعْنًى آخَرُ لَكِنْ بَطَلَ مَعَهُ مَعْنَى الْمُسْتَقِيمِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ أَنْعَمْت بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ فَإِنَّ كَوْنَ التَّاءِ ضَمِيرًا لَمْ يُزَلْ عَنْ الْكَلِمَةِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ مِنْ خِطَابِ الْمُذَكَّرِ إلَى غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[فَرْعٌ] لَوْ سَهَّلَ هَمْزَةَ أَنْعَمْت أَثِمَ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرُ صِفَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْقَطَ هَمْزَةَ أَنْعَمْت فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَرْفٍ، وَالتَّسْهِيلُ قُرِئَ بِنَظِيرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] بِتَسْهِيلِ هَمْزَةِ أَعْنَتَكُمْ غَايَتُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ فِي تَسْهِيلِ هَمْزَةِ أَنْعَمْت.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ السَّلَامِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي مَا دَامَ الْوَقْتُ وَاسِعًا، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَيِسَ مِمَّنْ يَعْلَمُهُ، وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إنْ لَمْ يَرْجُ الْمَاءَ صَلَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ فَقْدَ الطَّهُورَيْنِ مِنْ أَصْلِهِ لَا اخْتِيَارَ لِلْمُكَلَّفِ فِيهِ، بِخِلَافِ تَرْكِ التَّعَلُّمِ فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ مَنْسُوبٌ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفَ هَذَا) هُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَاقَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَخْ) أَفَادَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَفِيهِ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفَهُ مِنْهُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اللَّحْنِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِبْدَالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَجَوَّزَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَعَدَّوْا مِنْ اللَّحْنِ الْمُبْطِلِ لِلْمَعْنَى قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِينَ، وَلَيْسَ بِلَحْنٍ بَلْ إبْدَالُ حَرْفٍ بِحَرْفٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ قَبْلَ السَّلَامِ أَعَادَ) لَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِمُجَرَّدِ إتْيَانِهِ بِمَا ذَكَرَ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي الَّذِي تَبِعَهُ فِيهِ الشَّارِحُ بِخِلَافِ مَا فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ بَدَلِهَا فَإِنَّهُ رُكْنٌ، وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِنَحْوِ جَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ نِعْمَ لَوْ تَفَطَّنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ) فِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ أَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَيَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامِدًا عَالِمًا لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّدَارُكِ قَبْلَ السَّلَامِ لَا لِكَوْنِهِ لَحْنًا بَلْ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>