للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. نَعَمْ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَقْرَأَ أَوْ أَفْقَهَ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَلِهَذَا نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ.

(وَالْعَبْدُ) ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ مُعْتَدٌّ بِهَا، وَلِأَنَّ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. نَعَمْ الْحُرُّ أَوْلَى مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، إلَّا إنْ تَمَيَّزَ بِنَحْوِ فِقْهٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْحُرُّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْلَى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْمُبَعَّضِ عَلَى كَامِلِ الرِّقِّ وَمَنْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهُ عَلَى مَنْ نَقَصَتْ مِنْهُ، وَتَكْرَهُ إمَامَةُ الْأَقْلَفِ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا كَمَا ذَكَرَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضِهِ.

(وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) فِي الْإِمَامَةِ (سَوَاءٌ) (عَلَى النَّصِّ) لِتَعَارُضِ فَضِيلَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ مَا يُشْغِلُهُ فَهُوَ أَخْشَعُ، وَالْبَصِيرُ يَنْظُرُ الْخُبْثَ فَهُوَ أَحْفَظُ لِتَجَنُّبِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَالَةَ اسْتِوَائِهِمَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ، وَإِلَّا فَالْمُقَدَّمُ مَنْ تَرَجَّحَ بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: الْحُرُّ الْأَعْمَى أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ الْبَصِيرِ.

وَمِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ السَّمِيعُ مَعَ الْأَصَمِّ وَالْفَحْلُ مَعَ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ وَالْأَبُ مَعَ وَلَدِهِ وَالْقَرَوِيُّ مَعَ الْبَدْوِيِّ. وَقِيلَ الْأَعْمَى أَوْلَى مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَقِيلَ الْبَصِيرُ أَوْلَى مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى الثَّانِي. وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ بِصِيغَةِ، قِيلَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّ الْأَعْمَى لَوْ كَانَ مُبْتَذَلًا لَا يَصُونُ نَفْسَهُ عَنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ كَأَنْ لَبِسَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ فَالْبَصِيرُ أَوْلَى مِنْهُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي عَلَى ذَلِكَ.

وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَظَافَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ. وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَعْمَى بَلْ لَوْ تَبَذَّلَ الْبَصِيرُ كَانَ الْأَعْمَى أَوْلَى مِنْهُ.

(وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ) (قُدْوَةِ) نَحْوِ (السَّلِيمِ بِالسَّلِسِ) بِكَسْرِ اللَّامِ: أَيْ سَلَسِ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ (وَالطَّاهِرَةِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ) وَالْمَسْتُورِ بِالْعَارِي وَالْمُسْتَنْجِي بِالْمُسْتَجْمِرِ وَالصَّحِيحِ بِمَنْ بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَخْ. وَأَمَّا أَمْرُهُ بِهَا فَيَتَوَقَّفُ عَلَى بُلُوغِهِ ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ وَحَيْثُ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لَا ثَوَابَ فِيهَا. هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ مَعَ إقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ إلَخْ وَاطْمِئْنَانُ نُفُوسِ قَوْمِهِ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الْكَرَاهَةِ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَهَذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعُرُوضُ الْخِلَافِ بَعْدَهُ لَا يَضُرُّ لِاحْتِمَالِ النَّسْخِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَمَيَّزَ) أَيْ الْعَبْدُ بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ فَقِيهًا وَالْحُرُّ غَيْرَ فَقِيهٍ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مُطْلَقًا) أَيْ تَمَيَّزَ الْعَبْدُ بِنَحْوِ فِقْهٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إمَامَةُ الْأَقْلَفِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْقُلْفَةَ رُبَّمَا مَنَعَتْ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهَا، وَاحْتِمَالُ النَّجَاسَةِ كَافٍ فِي الْكَرَاهَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ السَّمِيعُ) أَيْ مِنْ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ: لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ مَا يُشْغِلُهُ وَقَوْلُهُ لِلْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: لِتَجَنُّبِهِ.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ السَّلِيمِ إلَخْ) قَرَّرَ م ر أَنَّهُ لَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُسْتَحَاضَةً وَجَبَ الْقَضَاءُ. اهـ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَأْمُومَ رَجُلٌ فَالْقَضَاءُ وَاضِحٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِتَبَيُّنِ الِاسْتِحَاضَةِ بَلْ مُجَرَّدُ الْأُنُوثَةِ مُقْتَضٍ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَتَصِحُّ قُدْوَةُ السَّلِيمِ إلَخْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِفَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْمَأْمُومِ الْأُنْثَى وَحَمْلِ الْكَلَامِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُهُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: كَانْ يَؤُمَّهَا) أَيْ فِي حَالِ رِقِّهِ قَبْلَ صَيْرُورَتِهِ مَوْلًى حَتَّى يَتِمَّ الدَّلِيلُ إذْ الْمَوْلَى الْعَتِيقُ

(قَوْلُهُ: نَحْوَ) الَّذِي زَادَهُ فِي غُضُونِ الْمَتْنِ رَاجِعٌ لِمَجْمُوعِ الصُّورَتَيْنِ بَعْدَهُ لَا لِخُصُوصِ لَفْظِ السَّلِيمِ وَإِنْ تَوَهَّمَ لِيُدْخِلَ الصُّوَرَ الَّتِي زَادَهَا بَعْدَ الْمَتْنِ كَأَنَّهُ قَالَ نَحْوُ قُدْوَةِ السَّلِيمِ بِالسَّلِسِ وَالطَّاهِرِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ كَالْمَسْتُورِ بِالْعَارِي إلَخْ، فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى لَفْظِ قُدْوَةٍ لَارْتَفَعَ هَذَا التَّوَهُّمُ (قَوْلُهُ: أَيْ سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُهُ) اقْتَصَرَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى التَّفْسِيرِ بِسَلَسِ الْبَوْلِ كَالرَّوْضَةِ كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ، فَغَيْرُهُ تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ جَزْمًا، أَوْ فِيهِ خِلَافٌ غَيْرُ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَزِيَادَةُ الشَّارِحِ لَهُ كَقَوْلِهِ وَالْمَسْتُورُ بِالْعَارِي إلَخْ مُرَادُهُ بِهِ تَتْمِيمُ الْفَائِدَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>