للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُرْحٌ سَائِلٌ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ.

وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِوُجُودِ النَّجَاسَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّحَنَا صَلَاتَهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، أَمَّا قُدْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِثْلِهِ فَصَحِيحَةٌ جَزْمًا، وَأَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا وَلَوْ لِمِثْلِهَا لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَرَجَّحَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ.

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ. قَالَ: وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا أَوْ طَاهِرًا فَقَدْ صَلَّتْ.

وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى النَّصِّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ وَجَبَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ خَلَلٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا، وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ، وَمَا قِيلَ فِي التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا مَمْنُوعٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بَعْدَ صَلَاتِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهَا.

(وَلَوْ) (بَانَ إمَامُهُ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ (امْرَأَةً) أَوْ خُنْثَى أَوْ مَجْنُونًا (أَوْ كَافِرًا مُعْلِنًا) كُفْرَهُ كَذِمِّيٍّ (قِيلَ أَوْ) بَانَ كَافِرًا (مُخْفِيًا) كُفْرَهُ كَزِنْدِيقٍ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْبَحْثِ إذْ أَمَارَةُ الْمُبْطِلِ مِنْ أُنُوثَةٍ أَوْ كُفْرٍ ظَاهِرَةٌ لَا تَخْفَى، وَالْخُنْثَى يَنْتَشِرُ أَمْرُهُ غَالِبًا، بِخِلَافِ الْمَخْفِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِيهِ. وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

زَادَهُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِحَمْلِ الْمَحَلِّيِّ السَّلَسَ عَلَى سَلَسِ الْبَوْلِ حِكْمَةٌ فَلْتُرَاجَعْ، وَقَدْ يُقَالُ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ الْغَالِبُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالطَّاهِرِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ النَّجَاسَةِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّلَسَ بِالرِّيحِ أَوْ الْمَنِيِّ تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِلَا خِلَافٍ لِانْتِفَاءِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ) أَيْ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ إلَخْ) ذَكَرَ السُّيُوطِيّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَانَ مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ، وَرَدَّهُ.

وَعِبَارَتُهُ فِي دُرِّ التَّاجِ فِي إعْرَابِ مُشْكِلِ الْمِنْهَاجِ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ عَنْ وَجْهِ نَصْبِ امْرَأَةٍ، فَذَكَرَ السَّائِلُ أَنَّ مُدَرِّسِي الْعَصْرِ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ حَالٌ، وَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ إنَّهُ خَبَرُ بَانَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ. فَقُلْت: لَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِعْلَهُ لَازِمٌ لَا يَنْصِبُ الْمَفْعُولَ بِهِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: بَانَ الشَّيْءُ وَتَبَيَّنَ اتَّضَحَ وَظَهَرَ وَأَبَنْته أَنَا وَبَيَّنْته أَظْهَرْته.

وَأَمَّا الثَّالِثُ فَبَاطِلٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ أَخَوَاتِ كَانَ مَحْصُورَةٌ مَعْدُودَةٌ قَدْ اسْتَوْفَاهَا أَبُو حَيَّانَ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ وَالِارْتِشَافِ، وَذَكَرَ كُلَّ فِعْلٍ عَدَّهُ قَوْمٌ مِنْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ أَحَدًا عَدَّ مِنْهَا بَانَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَيَكَادُ يَكُونُ قَرِيبًا، لَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنَّ امْرَأَةً لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ وَلَا مُنْتَقِلٍ، وَشَرْطُ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مُنْتَقِلًا، وَيُبْطِلُهُ أَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ لِلْعَامِلِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنًى فِي حَالٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ هُنَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بَانَ فِي حَالِ كَوْنِهِ امْرَأَةً، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى بَانَ أَنَّهُ أَمَّهُ امْرَأَةٌ، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بَانَ فِي حَالِ كُفْرِهِ، فَقَدْ يَكُونُ إنَّمَا بَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَانَ أَنَّهُ أَمَّهُ كَافِرٌ، وَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ كَطَابَ زَيْدٌ نَفْسًا، وَالتَّقْدِيرُ بَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَحْوَالِهِ كَوْنُهُ امْرَأَةً: أَيْ بَانَتْ أُنُوثَةُ إمَامِهِ، فَإِنْ قُلْت: فَمَاذَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ كَافِرًا فَإِنَّهُ مُشْتَقٌّ وَمُنْتَقِلٌ؟ قُلْت: هُوَ كَفَارِسًا فِي قَوْلِهِمْ لِلَّهِ دَرُّهُ فَارِسًا فَإِنَّهُمْ أَعْرِبُوهُ تَمْيِيزًا لِلْجِهَةِ وَمَنَعُوا كَوْنَهُ حَالًا. اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ) أَرَادَ بِالظَّنِّ مَا قَابِلَ الْعِلْمَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ أَوْ قِرَاءَتُهُ فَتَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِهِ نَقْصٌ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظُنَّ ذُكُورَتَهُ وَلَا إسْلَامَهُ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ بِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ جَهْلُ الْإِسْلَامِ يُفِيدُ الظَّنَّ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ عَلَى مَنْ يُصَلِّي أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: كَزِنْدِيقٍ) هُوَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ وَعَلَى مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>