الْمَخْفِيِّ وَغَيْرِهِ فِي كَلَامِهِ، وَالْأَوْجَهُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي كُفْرِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ ثُمَّ يُقْتَدَى بِهِ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ فَرَاغِهِ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ حَقِيقَةً أَوْ ارْتَدَدْتُ؛ لِكُفْرِهِ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَبِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ مَقْبُولٌ.
وَلَوْ بَانَ أَنَّ إمَامَهُ لَمْ يُكَبِّرْ لِلْإِحْرَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى غَالِبًا، أَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ فَلَا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِحْرَامِهِ ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ سِرًّا بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ: أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى، وَلَا أَمَارَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فَكَمَا لَوْ بَانَ أُمِّيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ جَالِسًا وَبَانَ قَادِرًا فَكَمَنْ بَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقِيَامَ هُنَا رُكْنٌ وَثَمَّ شَرْطٌ، وَيُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الرُّكْنِ (لَا) إنْ بَانَ إمَامُهُ (جُنُبًا) أَوْ مُحْدِثًا (أَوْ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) فِي بَدَنِهِ أَوْ مَلَاقِيهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ فِي جُمُعَةٍ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَوْ ارْتَدَّتْ لِكُفْرِهِ بِذَلِكَ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى اُسْتُصْحِبَ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ بَقَاءِ الْكُفْرِ فَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَالصُّورَةَ الثَّانِيَةَ قُصِدَ إبْطَالُ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ فَأَلْغَى وَاسْتَصْحَبَ الْأَصْلَ فَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ وَلَكِنْ يُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: مَقْبُولٌ) أَيْ وُجُوبًا حَيْثُ بَيَّنَ السَّبَبَ. اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِهَا لَا أَنَّهَا كَانَتْ انْعَقَدَتْ ثُمَّ بَطَلَتْ فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى غَالِبًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ قَرِيبًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ فَلَا) أَيْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَمَا فِيهِ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا) أَيْ الْإِمَامُ فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا لَوْ بَانَ إمَامُهَا مُحْدِثًا، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْوِ قَطْعَ الْأُولَى مَثَلًا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِخُرُوجِهِ بِالثَّانِيَةِ، وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فُرَادَى لِعَدَمِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مِنْ الْقَوْمِ، فَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ نِيَّتِهِ مَنْ اقْتَدَى بِهِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ حَصَلَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْجُمُعَةِ لَا تَنْعَقِدُ لَهُ لِفَوَاتِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَوْتَارِ وَيَخْرُجُ بِالْأَشْفَاعِ وَهَذِهِ مِنْهَا، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ لِلثَّانِيَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا مُبْطِلٌ لِلْأُولَى كَنِيَّتِهِ قَطْعِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ) أَيْ إمَامُهُ الْمُصَلِّي قَاعِدًا، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ قُدْرَةُ الْإِمَامِ الْمُصَلِّي عَارِيًّا عَلَى السُّتْرَةِ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ حَجّ وَأَقَرَّهُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيِّ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَتَبَيَّنَ كَوْنُ الْإِمَامِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا أَوْ عَارِيًّا قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ السُّتْرَةِ فِي الثَّانِي كَتَبَيُّنِ حَدَثِهِ. اهـ عُبَابُ.
وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضَةِ رَمْلِيٍّ. اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ: أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي مَتْنِ الرَّوْضِ مَسْأَلَةَ الْقِيَامِ فَقَطْ دُونَ مَسْأَلَةِ السُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحَدَثِ نَفْسِهِ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِكُفْرِهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ فَامْتَنَعَ قَبُولُهُ فِيهِ، وَلَفْظُ بِذَلِكَ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الشَّيْخِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا فَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إلَخْ، فَمُرَادُهُ بِالْغَيْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إخْبَارُهُ عَنْ كُفْرِهِ الَّذِي اُسْتُثْنِيَتْ مِنْهُ هَذِهِ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ وَالْأَوْجَهُ قَبُولُهُ فِي كُفْرِهِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ مَقْبُولٌ تَعْلِيلٌ لَهُ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مُطْلَقَ غَيْرٍ وَإِنْ فَهِمَهُ كَذَلِكَ الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التُّحْفَةِ الْمُوَافِقَةِ عِبَارَتُهَا لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ فَاحْتَاجَ إلَى تَقْيِيدِ التَّعْلِيلِ بِمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute