للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْبَعِينَ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَقْصِيرَ، وَلِهَذَا لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَطْهِيرَهُ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ وَخَرَجَ بِالْخَفِيَّةِ الظَّاهِرَةُ فَتَلْزَمُهُ مَعَهَا الْإِعَادَةُ؛ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، حَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ كَلَامَ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ أَقْوَى، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ.

وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي بِبَاطِنِ الثَّوْبِ، وَالظَّاهِرَةُ مَا تَكُونُ بِظَاهِرِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ وَأَمْكَنَهُ رُؤْيَتَهَا إذَا قَامَ غَيْرَ أَنَّهُ صَلَّى جَالِسًا لِعَجْزِهِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ رُؤْيَتَهَا لَمْ يَقْضِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْجُلُوسُ فَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً وَاشْتَغَلَ عَنْهَا بِالصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَرَهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقْتَضَى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ: أَيْ حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ الْمُشَاهَدَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ: الْأَوْلَى الضَّبْطُ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الظَّاهِرَةَ مَا تَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ أَبْصَرَهَا وَالْخَفِيَّةَ بِخِلَافِهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي قَائِمًا أَوْ جَالِسًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَطْهِيرَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمَأْمُومِ بِأَنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا مَضَى زَمَنٌ يُحْتَمَلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ.

وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِهَامِشٍ أَنَّهُ أَفْتَى بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ، قَالَ: إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ. اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَى مِثْلِهِ لَزِمَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ بِتَبَيُّنِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا، إذْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ إمَامٌ لَمْ يُعْلَمْ عَدَمُ حَدَثِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَرَاهُ يَتَطَهَّرُ ثُمَّ صَلَّى عَقِبَ طُهْرِهِ إمَامًا يُحْتَمَلُ خُرُوجُ حَدَثٍ مِنْهُ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: فِي تَصْحِيحِهِ) أَيْ حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَأَمْكَنَهُ: أَيْ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ مِنْ اقْتِضَائِهِ الْفَرْقَ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَهُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَالْأَوْلَى إلَخْ. وَعَلَيْهِ فَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ حِينَئِذٍ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، وَنَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ الْقَضَاءِ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا، وَنَقَلَ مِثْلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ يَعْنِي الْخُبْثَ ظَاهِرًا لِعُذْرِهِ.

وَقَالَ م ر: الْمُرَادُ مَا يَكُونُ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِيهَا: أَيْ الطَّاهِرَةِ نَجَاسَةٌ بِظَهْرِ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْأَعْمَى وَالْبَعِيدِ عَنْهُ فَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي حَقِّهَا. وَقَوْلُهُ بِظَهْرِ الْإِمَامِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ مَعَهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الشَّرْحِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي بِبَاطِنِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ أَبْصَرَهَا) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ: رَآهَا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِدْرَاكِ بِالْبَصَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ (قَوْلُهُ: وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ) أَيْ أَوْ نَحْوَ صَدْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَ ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ) أَيْ قَوْلَهُ وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي بِبَاطِنِ الثَّوْبُ إلَخْ، فَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الِاسْتِدْرَاكِ وَالْمُسْتَدْرَكِ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَصْلَ الضَّابِطِ لِلرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي قَائِمًا وَجَالِسًا) فِيهِ مُنَافَاةٌ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ بَعْدَ أَنْ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مِنْهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ، لَكِنَّ الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا عَقَّبَ ضَابِطَ الْأَنْوَارِ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ: أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ جُلُوسِهِ وَقِيَامِ الْإِمَامُ مَثَلًا، أَمْ عَلَى غَيْرِهَا بِأَنْ نَفْرِضَهُ قَائِمًا إذَا كَانَ جَالِسًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ حَتَّى تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ بِنَحْوِ عِمَامَتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَالْمَأْمُومُ جَالِسٌ لِعَجْزِهِ؛ لِأَنَّا لَوْ فَرَضْنَا قِيَامَهُ وَتَأَمَّلَهَا لَرَآهَا، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا لَرَآهَا فَلَا يُفْرَضُ عَلَى حَالَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>