للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّفُّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ أَحَالَتْ مَقْصُورَةٌ وَأَعْمِدَةٌ أَمْ لَا.

وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ الْخُشُوعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِ بِمَنْ أَمَامَهُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَمْنَعُ الصَّفَّ تَخَلُّلُ نَحْوِ مِنْبَرٍ.

وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ طَوِيلٌ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ خَرَجَ عَنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ لَوْ قَرُبَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْقُرْبِ مِنْ الْكَعْبَةِ وَهَذَا فِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَنْهَا (وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ أَقْرَبَ إلَى الْكَعْبَةِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ ظُهُورِ مُخَالَفَةٍ فَاحِشَةٍ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي جِهَتِهِ، فَلَوْ تَوَجَّهَ الْإِمَامُ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مَثَلًا فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ خَلْفَ الْأَقْرَبِ وَكَانَ مُتَّصِلًا بِمَنْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ كَانَ الْأَوَّلُ الْمُتَّصِلَ بِالْإِمَامِ، لَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُخَالِفُهُ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَمَا نَقَلَهُ م ر بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ فِي الْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فِي غَيْرِ جِهَةٍ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: الَّذِي لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ: أَيْ لَيْسَ قُدَّامَهُ صَفٌّ آخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا اتَّصَلَ الْمُصَلُّونَ بِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ الْوَاقِفِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَامْتَدُّوا خَلْفَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَوَقَفَ صَفٌّ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ قُدَّامَ مَنْ فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَلَقَةِ الْمُوَازِينَ لِمَنْ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ كَانَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مِنْ بَيْنِ الرُّكْنَيْنِ لَا الْمُوَازِينَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ هَذِهِ الْحَلَقَةِ، فَيَكُونُ بَعْضُ الْحَلَقَةِ صَفًّا أَوَّلَ وَهُمْ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ دُونَ بَقِيَّتِهَا فِي الْجِهَاتِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، وَفِي حِفْظِي أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ.

وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ مَا اتَّصَلَ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ الَّذِي وَرَاءَهُ مَا قَارَبَ الْكَعْبَةَ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِلْمُتَبَادَرِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَحَالَتْ مَقْصُورَةٌ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ وَاقِفًا فِي الْمِحْرَابِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ) أَيْ هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ الِاسْتِدَارَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ الصَّفَّ تَخَلُّلُ نَحْوِ مِنْبَرٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مَنْ بِجَانِبِ الْمِنْبَرِ مُحَاذِيًا لِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْمِنْبَرُ وَقَفَ مَوْضِعَهُ شَخْصٌ مَثَلًا صَارَ الْكُلُّ صَفًّا وَاحِدًا.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزْمًا بِخِلَافِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي جِهَتِهِ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ الْقَوِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةَ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بَلْ مُتَّجَهٌ إلَخْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَخْ اُنْظُرْ الْمُسَاوَاةَ اهـ. أَقُولُ: يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ أَخْذًا مِنْ كَرَاهَةِ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْقِيَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ هُنَا الْخِلَافُ الْقَوِيُّ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُسَاوَاةِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ مُسَاوَاةٌ لِلْإِمَامِ فِي الرُّتْبَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَوَجَّهَ الْإِمَامُ الرُّكْنَ إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ وَقَفَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ فَجِهَتُهُ تِلْكَ وَالرُّكْنَانِ الْمُتَّصِلَانِ بِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَوْلُهُ فَجِهَتُهُ أَيْ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ الرُّكْنَانِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْإِمَامِ صَفًّا أَوَّلَ، وَقَوْلُهُ: وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ إلَخْ دَلِيلٌ لِكَوْنِ مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ صَفًّا أَوَّلَ أَيْضًا، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَعُلِّلَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ) أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَمَحَلُّ جَزْمِهِمَا فِي حَالَةِ الْبُعْدِ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ غَيْرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا جَزَمَا بِهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ الْبُطْلَانِ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَوْلِهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ الْبَعْضِ الشِّهَابَ حَجّ فَإِنَّ مَا مَرَّ كَلَامُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ مُعْتَمِدٌ لِمَا قَالَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>