للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ وَلَا لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ.

وَالثَّانِي يَضُرُّ كَمَا لَوْ كَانَ فِي جِهَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْخِلَافِ، إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ أَفْتَى بِفَوَاتِهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ (لَوْ وَقَفَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (فِي الْكَعْبَةِ) أَيْ دَاخِلَهَا (وَاخْتَلَفَتْ جِهَتَاهُمَا) بِأَنْ كَانَ وَجْهُهُ لِوَجْهِهِ أَوْ ظَهْرُهُ لِظَهْرِهِ أَوْ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا إلَى جَنْبِهِ فَتَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الْإِمَامِ لِظَهْرِ الْمَأْمُومِ ضَرَّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ مَعَ اتِّحَادِ جِهَتِهِمَا فَلَا تُرَدُّ عَلَى عِبَارَتِهِ.

(وَيَقِفُ) نَدْبًا الْمُقْتَدِي وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ وَفِيمَا سَيَأْتِي لِلْغَالِبِ، فَلَوْ لَمْ يُصَلِّ وَاقِفًا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (الذَّكَرُ) وَلَوْ صَبِيًّا إذَا لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ (عَنْ يَمِينِهِ) لِمَا صَحَّ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» . وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُقْتَدِينَ خِلَافَ السُّنَّةِ اُسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ إرْشَادُهُ إلَيْهَا بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا إنْ وَثِقَ مِنْهُ بِالِامْتِثَالِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ فِي الْإِرْشَادِ الْمَذْكُورِ، وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفَهُ نُدِبَ التَّحْوِيلُ إلَى الْيَمِينِ وَإِلَّا فَلْيُحَوِّلْهُ الْإِمَامُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُهَذَّبِ اخْتِصَاصَهُ بِهِ (فَإِنْ حَضَرَ) ذَكَرٌ (آخَرُ أَحْرَمَ) نَدْبًا (عَنْ يَسَارِهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَسَارِهِ مَحَلٌّ أَحْرَمَ خَلْفَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ إلَيْهِ مَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِينِ، وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ وَفَاتَتْ بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُحَاذِيَانِ لِلْجِهَتَيْنِ زِيَادَةً عَنْ الرُّكْنِ الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا حَتَّى لَا يَضُرَّ تَقَدُّمُ الْمُسْتَقْبِلِينَ لِذَيْنِك الرُّكْنَيْنِ عَلَى الْإِمَامِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الضَّرَرُ فَيَكُونُ جِهَةُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةَ أَرْكَانٍ وَجِهَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ

(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِيَقِفُ.

(قَوْلُهُ: عَنْ يَمِينِهِ) أَظُنُّ م ر قَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ إذَا وَقَفَ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ لَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ وَلَا انْتِقَالَاتِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْيَسَارِ سَمِعَ ذَلِكَ وَقَفَ عَلَى الْيَسَارِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ إلَخْ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمُرَادُهُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِهِ عَدَمُ رُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: «أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) أَيْ وَكَانَ يُصَلِّي نَفْلًا لَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَفَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ.

(قَوْلُهُ: فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ) لَعَلَّهُ بِحَسَبِ مَا اتَّفَقَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِلَّا فَتَحْوِيلُ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا إلَخْ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ يَلْزَمُ مِنْهُ قَصْرُهُ سَهُلَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُ رَأْسِهِ دُونَ يَدِهِ مَثَلًا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ عَلَى غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُقْتَدِينَ) أَيْ بِهِ بِالْفِعْلِ لِيُخْرِجَ مُرِيدَ الْقُدْوَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْل ذَلِكَ إرْشَادُ مُرِيدِ الْقُدْوَةِ كَمَا لَوْ أَرَادَ الدَّاخِلُ الْوُقُوفَ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ وَأَمْكَنَهُ إرْشَادُهُ لِلْوُقُوفِ عَلَى يَمِينِهِ، أَوْ رَآهُ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ فَيُشِيرُ إلَيْهِ لِيَمْشِيَ بِالتَّأَنِّي.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْإِمَامِ فِي إرْشَادِ غَيْرِهِ وَلَوْ الْإِمَامَ.

(قَوْلُهُ: اخْتِصَاصَهُ بِهِ) أَيْ بِالْجَاهِلِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) مُقَابِلُهُ الْكَسْرُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُتَأَخِّرِينَ دُونَ أَنْ يَقُولَ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ التَّبَرِّي، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ إلَخْ فَلَيْسَ مُرَادُهُ مِنْهُ تَضْعِيفَ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْدُ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَزْمِهِمَا، لَكِنْ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى وَمُلَخَّصُهُ مَا ذَكَرْته (قَوْلُهُ: فَلَا تَرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ أَوْرَدَهَا.

(قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ) لَا مَعْنَى لِذِكْرِ بَلْ هُنَا وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ مَا مَرَّ: ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ خَالَفَ الْآخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ الْيَمِينِ أَيْضًا فَإِنَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>