للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلُهَا ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ بِالْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ حِينَئِذٍ مِنْ الْيَمِينِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا.

وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ كَالْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ عَلَى أَهْلِهِمَا مَا يَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرَهُ، وَلِمَا فِي الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ تَوْفِيرِ الْخُشُوعِ مَا لَيْسَ فِي الثَّانِي لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَنْ أَمَامَهُمْ، وَالْخُشُوعُ رُوحُ الصَّلَاةِ فَيَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرَهُ أَيْضًا فَمَا فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَيْضًا.

(وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ) نَدْبًا (وَسْطَهُنَّ) بِسُكُونِ السِّينِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَإِنْ أَمَّهُنَّ خُنْثَى تَقَدَّمَ كَالذَّكَرِ وَإِمَامُ عُرَاةٍ فِيهِمْ بَصِيرٌ وَلَا ظُلْمَةَ كَإِمَامَةِ النِّسَاءِ وَإِلَّا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ، وَمُخَالَفَةُ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْبَعْضُ مِنْ هَؤُلَاءِ فَالْأَخِيرُ مِنْ الْخَنَاثَى أَفْضَلُهُمْ وَالْأَخِيرُ مِنْ النِّسَاءِ أَفْضَلُهُنَّ.

(قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اخْتَصَّ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الصُّفُوفِ بِفَضِيلَةٍ فِي الْمَكَانِ كَأَنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ارْتِفَاعٌ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَلِيهِ أَفْضَلُ أَيْضًا، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَلِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ لِكَرَاهَةِ الْوُقُوفِ فِي مَوْضِعِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ.

[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مِنْ الرِّجَالِ حَتَّى اصْطَفَّ النِّسَاءُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَأَحْرَمْنَ هَلْ يُؤَخَّرْنَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِيَتَقَدَّمَ الرِّجَالُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الثَّانِي وِفَاقًا لِ م ر، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِشَيْخِنَا عَنْ الْقَاضِي مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَأَخُّرِهِنَّ أَفْعَالٌ مُبْطِلَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ، أَمَّا مَنْ خَلْفَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَقَوْلُ جَمْعٍ مَنْ بِالثَّانِي أَوْ الْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا مَرْدُودٌ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْيَمِينِ وَتَرَكَ أَفْضَلِيَّةَ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَذَكَرَ تَوْجِيهَ مَا فِيهِ الْأَفْضَلِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَالْأَوَّلِ) أَيْ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلِهِمَا) أَيْ الْيَمِينِ وَالْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ: وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) الْمُرَادُ أَنْ لَا تَتَقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِوَاءَ مَنْ عَلَى يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا فِي الْعَدَدِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَسْطَهُنَّ) قَرَّرَ م ر أَنَّهَا تَتَقَدَّمُ يَسِيرًا بِحَيْثُ تَمْتَازُ عَنْهُنَّ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلِمَا فِي الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ تَوْفِيرِ الْخُشُوعِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْبَعْضَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَدَّعِ تَفْضِيلَ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْهُ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ؛ وَقَوْلُ جَمْعٍ مَنْ بِالثَّانِي أَوْ الْيَسَارِ لِيَسْمَعَ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَالْيَمِينِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِسُكُونِ السِّينِ) أَيْ لِيَكُونَ ظَرْفًا إذْ هُوَ بِفَتْحِهَا اسْمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ نَحْوُ ضَرَبْت وَسَطَهُ، لَكِنْ قَالَ الْفَرَّاءُ: إذَا حَسُنَتْ فِيهِ بَيْنَ كَانَ ظَرْفًا نَحْوَ قَعَدَ وَسْطَ الْقَوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ فَاسْمٌ نَحْوُ احْتَجِمْ وَسَطَ رَأْسِك. قَالَ: وَيَجُوزُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا التَّسْكِينُ وَالتَّحْرِيكُ، لَكِنَّ السُّكُونَ أَحْسَنُ فِي الظَّرْفِ وَالتَّحْرِيكَ أَحْسَنُ فِي الِاسْمِ: وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْكُوفِيِّينَ فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَيَجْعَلُونَهُمَا ظَرْفَيْنِ، إلَّا أَنَّ ثَعْلَبًا قَالَ: يُقَالُ وَسْطًا بِالسُّكُونِ فِي الْمُتَفَرِّقِ الْأَجْزَاءِ نَحْوِ وَسْطِ الْقَوْمِ وَوَسَطٌ بِالتَّحْرِيكِ فِيمَا لَا تَتَفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ نَحْوِ وَسَطِ الرَّأْسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>