الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ إذَا أَمْكَنَ وُقُوفُهُمْ صَفًّا وَإِلَّا وَقَفُوا صُفُوفًا مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ.
وَإِذَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ وَالْجَمِيعُ عُرَاةٌ لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ لَا فِي صَفٍّ وَلَا فِي صَفَّيْنِ بَلْ يَتَنَحَّيْنَ وَيَجْلِسْنَ خَلْفَهُمْ وَيَسْتَدْبِرْنَ الْقِبْلَةَ حَتَّى تُصَلِّيَ الرِّجَالُ وَكَذَا عَكْسُهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَتَوَارَى كُلُّ طَائِفَةٍ بِمَكَانٍ حَتَّى تُصَلِّيَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ تَسْتَوِي صُفُوفُهَا فِي الْفَضِيلَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لِاسْتِحْبَابِ تَعَدُّدِ الصُّفُوفِ فِيهَا.
، وَيُسَنُّ سَدُّ فُرَجِ الصُّفُوفِ، وَأَنْ لَا يُشْرَعَ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ، وَأَنْ يُفْسَحَ لِمَنْ يُرِيدُهُ وَجَمِيعُ ذَلِكَ سُنَّةٌ لَا شَرْطٌ، فَلَوْ خَالَفُوا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا وَسْطَهُنَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا امْرَأَةٌ فَقَطْ وَقَفَتْ عَنْ يَمِينِهَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الذُّكُورِ
(قَوْلُهُ: لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُؤْمَرُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بِغَضِّ الْبَصَرِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ جُلُوسِهِنَّ خَلْفَ الرِّجَالِ وَاسْتِدْبَارِهِنَّ الْقِبْلَةَ
(قَوْلُهُ: تَسْتَوِي صُفُوفُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَلْيُرَاجَعْ مَا فِي الْجَنَائِزِ وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ بَعُدَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ جَعْلُ صُفُوفِهِنَّ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أَوْجَبَ» أَيْ حَصَلَتْ لَهُ الْمَغْفِرَةُ، وَلِهَذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ.
نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكَدُ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ سَدُّ فُرَجِ الصُّفُوفِ) وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ وَالْأَوَّلِ وَالْإِمَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَمَتَى كَانَ بَيْنَ صَفَّيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كُرِهَ لِلدَّاخِلِينَ أَنْ يَصْطَفُّوا الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يُحَصِّلُوا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي لَوْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَقَدْ ضَيَّعُوا حُقُوقَهُمْ فَلِلدَّاخِلِينَ الِاصْطِفَافُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا كُرِهَ لَهُمْ اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِلَّا فَلْيَجْرِ مَا نَصُّهُ: نَدْبًا لِخَبَرٍ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ وَهُوَ «أَيُّهَا الْمُصَلِّي هَلَّا دَخَلْت فِي الصَّفِّ أَوْ جَرَرْت رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَيُصَلِّيَ مَعَك، أَعِدْ صَلَاتَك» وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِهِمْ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً حُرْمَتُهُ عَلَى مَنْ وَجَدَهَا لِتَفْوِيتِهِ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ اهـ.
وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ لَهُمْ: هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْحُرْمَةِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ اهـ.
وَقَضِيَّةُ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ لِتَفْوِيتِهِ إلَخْ أَنَّ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ تَفُوتُ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُمْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُمْ، فَالْقِيَاسُ أَنَّ التَّفْوِيتَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ وَحْدَهُ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْفَضِيلَةِ الَّتِي فَوَّتَهَا قُرْبُهُمْ مِنْ الْإِمَامِ وَسَمَاعُهُمْ لِقِرَاءَتِهِ مَثَلًا لَا ثَوَابُ الصَّفِّ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا ثَوَابَ لَهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ وَكِلَاهُمَا مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.
[فَرْعٌ] وَقَفَ شَافِعِيٌّ بَيْنَ حَنَفِيَّيْنِ مَسَّا فَرْجَهُمَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِمَا، قَالَهُ فِي الْخَادِمِ وَنَظَّرَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فَلْيُرَاجَعْ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَيْسَ مِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَهُمَا قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ لِكَوْنِهِ عَنْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ يَنْزِلُ بِمَنْزِلَةِ السَّهْوِ، وَالشَّافِعِيُّ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ بِالسَّلَامِ وَعَدَمِ التَّدَارُكِ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّافِعِيُّ يَرَى صِحَّةَ صَلَاةِ الْحَنَفِيِّ مَعَ تَرْكِهِ الْقِرَاءَةَ فَتَحْصُلُ لَهُ الْفَضِيلَةُ لِعَدَمِ اعْتِقَادِ مَا يُنَافِيهَا، بِخِلَافِهِ مَعَ الْمَسِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ فَهُوَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ عِنْدَنَا فَكَانَ كَالْمُنْفَرِدِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِذَا شَرَعُوا فِي الثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وُقُوفُهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْوُقُوفِ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَضَرَ وَاحِدٌ وَقَفَ خَلْفَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُحَاذِيًا لِيَمِينِ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَضَرَ آخَرُ وَقَفَ فِي جِهَةِ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يَكُونَانِ خَلْفَ مَنْ يَلِي الْإِمَامَ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي بَحْرَةِ رُوَاقِ ابْنِ مَعْمَرٍ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ يُكَمَّلُ وَلَوْ بِالْوُقُوفِ فِي الصَّحْنِ وَدَاخِلِ الرُّوَاقِ، فَلَا يَشْرَعُونَ فِي الثَّانِي إلَّا بَعْدَ تَكْمِيلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .