صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ ". وَتَأْنِيثُ إمَامَتِهِنَّ. قَالَ الرَّازِيّ: لِأَنَّهُ قِيَاسِيٌّ كَمَا أَنَّ رَجُلَةَ تَأْنِيثُ رَجُلٍ. وَقَالَ الْقُونَوِيُّ: بَلْ الْمَقِيسُ حَذْفُ التَّاءِ إذْ لَفْظُ إمَامٍ لَيْسَ صِفَةً قِيَاسِيَّةً بَلْ صِيغَةَ مَصْدَرٍ أُطْلِقَتْ عَلَى الْفَاعِلِ فَاسْتَوَى الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِيهَا وَعَلَيْهِ فَأَتَى بِالتَّاءِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ إمَامَهُنَّ الذَّكَرُ كَذَلِكَ.
(وَيُكْرَهُ) (وُقُوفُ الْمَأْمُومِ فَرْدًا) عَنْ صَفٍّ مِنْ جِنْسِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَدَلِيلُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ تَرْكُ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِفَاعِلِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مِنْ الْأَمْرِ بِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ اعْتَرَضَ تَحْسِينُ التِّرْمِذِيِّ وَتَصْحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ لَهَا بِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ مُضْطَرِبٌ، وَالْبَيْهَقِيِّ إنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ. وَيُؤْخَذُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا أَيْضًا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ وَقَعَ خِلَافٌ أَيْ لَيْسَ بِشَاذٍّ فِي صِحَّتِهَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا، وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ غَيْرُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَا نِسَاءَ أَوْ خُنْثَى وَلَا خَنَاثَى فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ إنْ وَجَدَ سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ لَوْ دَخَلَ فِيهِ وَسِعَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ فُرْجَةٌ وَلَوْ وَجَدَهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صُفُوفٌ كَثِيرَةٌ خَرَقَ جَمِيعَهَا لِيَدْخُلَ تِلْكَ الْفُرْجَةَ لِأَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِصَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ كَمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ، وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ وَعَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ فَإِنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، فَإِنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَقَلَ عَنْهُمْ فِيهَا فِي التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالتَّخَطِّي هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِي شَقِّ الصُّفُوفِ وَهُمْ قَائِمُونَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ سَدَّ الْفُرْجَةِ الَّتِي فِي الصُّفُوفِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لَهُ وَلِلْقَوْمِ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ.
فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، بِخِلَافِ تَرْكِ التَّخَطِّي فَإِنَّ الْإِمَامَ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُ إحْرَامِهِ حَتَّى يُسَوِّيَ بَيْنَ صُفُوفِهِمْ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْأَوَّلِ وَإِنْ امْتَدَّ إلَى آخِرِ الْمَسْجِدِ مِنْ جِهَتَيْ الْإِمَامِ، وَقَدْ يُقَالُ: اخْتِيَارُ هَذَا الْمَوْضِعِ لِلصَّلَاةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَسْجِدٍ مُسْتَقِلٍّ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الصَّحْنِ وَلَا الرُّوَاقِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُمْ لَوْ وَقَفُوا فِي مَحَلٍّ وَاسِعٍ كَالْبَرِّيَّةِ اُعْتُبِرَ مِنْهَا مَا هَيَّئُوهُ لِصَلَاتِهِمْ دُونَ مَا زَادَ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا فِي الصَّلَاحِيَةِ لِمَا صَلَّوْا فِيهِ بَلْ أَوْ أَصْلَحَ (قَوْلُهُ: صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ) وَمُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوُقُوفَ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ فِي الصِّحَّةِ مَعَهُ خِلَافٌ، وَأَنَّ الْإِعَادَةَ تُسَنُّ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ لَكِنْ لَمْ يُنَبَّهْ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلْيَجُرَّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ إلَخْ ثُبُوتُ الْخِلَافِ فِيهِ وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ السَّابِقُ إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِانْفِرَادِ عَنْ الصَّفِّ لَيْسَ خِلَافًا فِي مَذْهَبِنَا وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ إمَامِنَا لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ.
[فَرْعٌ] صَارَ وَحْدَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُرَّ شَخْصًا، فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ تَيَسُّرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ وَتَفُوتُهُ الْفَضِيلَةُ مِنْ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُنْفَرِدًا) أَيْ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) أَيْ الِانْفِرَادُ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ السِّينِ) أَيْ وَكَسْرِهَا وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ، فَقَالَ:
وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرِ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّنْعَانِيِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا أَيْضًا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ إلَخْ) فِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خِلَافٌ رَاعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهَا) أَيْ الْفُرْجَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِيَدْخُلَ تِلْكَ الْفُرْجَةَ إلَخْ، فَخَرَجَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فُرْجَةٌ، لَكِنْ هُنَاكَ مَا لَوْ وَقَفَ فِيهِ لَوَسِعَهُ فَلَا يَتَخَطَّى لَهُ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ