للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ إنْ كَانَ تَأَخُّرُهُمْ عَنْ سَدِّ الْفُرْجَةِ لِعُذْرٍ كَوَقْتِ الْحَرِّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ يُكْرَهْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ وَلَمْ يَخْتَرِقْ، وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ بَعْدَ كَمَالِ الصَّفِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّقْصِيرِ عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً (فَلْيَجُرَّ) نَدْبًا فِي الْقِيَامِ (شَخْصًا) مِنْ الصَّفِّ إلَيْهِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا جَوَّزَ مُوَافَقَتَهُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا جَرَّ بَلْ يَمْتَنِعُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا لِئَلَّا يَدْخُلَ غَيْرُهُ فِي ضَمَانِهِ، حَتَّى لَوْ جَرَّهُ ظَانًّا حُرِّيَّتَهُ فَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ رَقِيقًا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ عَنْ إفْتَاءِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَنْ يَكُونَ الصَّفُّ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَصِيرَ الْآخَرُ مُنْفَرِدًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى وَيَجُرَّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ، وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ (وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) نَدْبًا لِيَنَالَ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَذَلِكَ يُعَادِلُ مَا فَاتَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّفِّ.

أَمَّا الْجَرُّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَمَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَفُوتُهُمْ الْفَضِيلَةُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَرِقْ) أَيْ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى فُرْجَةٍ فِي الصَّفِّ الثَّانِي مَثَلًا، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا تَفُوتُ الْفَضِيلَةُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَلَا عَلَى نَفْسِهِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَذْهَبُ مِنْهُ بِلَا خَرْقٍ لِلصُّفُوفِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ عُرُوضَهَا. أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ أَوْ طَرَأَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرِقُ لِيَصِلَهَا، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ سَدِّهَا، سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ.

[فَرْعٌ] لَوْ جَهِلَ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُسَنَّ لِمَنْ عَلِمَ بِجَهْلِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّفِّ التَّأَخُّرُ إلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَفْهُومُ تَقْيِيدِهِ بِالْجَهْلِ عَدَمُ سَنِّهِ مَعَ الْعِلْمِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ خِطَابُ الْوَضْعِ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ الضَّرَرُ هُنَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصَّفُّ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْجَرُّ أَوْلَى مِنْ الْخَرْقِ بِالشُّرُوطِ.

(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى) أَيْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ كُلٌّ مِنْ الْخَرْقِ وَالْجَرِّ.

(قَوْلُهُ: وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لِهَذَا الْمُسَاعِدِ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يُعَادِلُ إلَخْ) مُشْعِرٌ بِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم.

(قَوْلُهُ: لَا حَرَامٌ) خِلَافًا لِظَاهِرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ظَاهِرُ التَّحْقِيقِ.

وَسَوَّى الشِّهَابُ حَجّ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ فَلْيُتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ) أَيْ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ خَرْقُ صُفُوفِهِمْ لِأَجْلِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ) كَأَنَّ صُورَتَهُ فِيمَا لَوْ أَتَى مِنْ أَمَامِ الصُّفُوفِ وَكَانَ هُنَاكَ فُرْجَةٌ خَلْفَهُ فَلَا يَخْرِقُ الصُّفُوفَ الْمُتَقَدِّمَةَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهَا، وَإِنَّمَا التَّقْصِيرُ مِنْ الصُّفُوفِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِعَدَمِ سَدِّهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَحَلُّهُ يَسَعُ اثْنَيْنِ بِقَرِينَةِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ بِأَوْ الْمُقْتَضِيَةِ أَنْ يُقَدَّرَ فِيمَا قَبْلَهَا نَقِيضُ مَا بَعْدَهَا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ غَيْرُ مُتَأَتٍّ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ فِيهَا لَا يُمْكِنُ إلَّا الْخَرْقُ كَمَا عَرَفْت، وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>