للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَصِّلَةٌ لِصِفَةٍ تَابِعَةٍ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ التَّكْبِيرِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى ثُمَّ إنْ تَابَعَ فَسَيَأْتِي (وَالْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا) فِي اشْتِرَاطِ نِيَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ افْتَرَقَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ مَعَ تَحَرُّمِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَلَا يُغْنِي تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا عَلَى الْجَمَاعَةِ عَنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْمُعَادَةِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ عِنْدَ تَحَرُّمِهَا وَاجِبٌ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا فَهِيَ كَالْجُمُعَةِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِدُونِ الْجَمَاعَةِ، فَكَانَ التَّصْرِيحُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ مُغْنِيًا عَنْ التَّصْرِيحِ بِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ (فَلَوْ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ) أَوْ شَكَّ فِيهَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (وَتَابَعَ) مُصَلِّيًا (فِي الْأَفْعَالِ) أَوْ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي السَّلَامِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْغُسْلِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَمِلًا لِلْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ، مَعَ أَنَّ نِيَّةَ مَا ذَكَرَ لَيْسَتْ تَابِعَةً لِشَيْءٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ عَدَمَ التَّعْوِيلِ عَلَى الْقَرِينَةِ غَالِبٌ لَا لَازِمٌ.

(قَوْلُهُ: فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ رَأَى شَخْصًا ظَنَّهُ مُصَلِّيًا فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَلٍّ انْعَقَدَتْ فُرَادَى وَامْتَنَعَتْ مُتَابَعَتُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ أُخْرَى، وَهَلْ نَقُولُ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ حَرِّرْهُ.

ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ خَطَأٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ مَعَ التَّحَرُّمِ أَنَّهُ قَبْلَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ مَثَلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ تُقَارِنْ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ تَحَرُّمَ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ عَيَّنَ رَجُلًا فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ رَجُلًا كَزَيْدٍ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَبَانَ مَأْمُومًا أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ عُمَرًا وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَفِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: لَوْ نَوَى الْمَأْمُومُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي غَيْرِ تَسْبِيحِهِ: أَيْ الْإِمَامِ أَوْ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ عَكْسِهِ: أَيْ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ أَوْ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ فِي مَسْأَلَةِ التَّسْبِيحَاتِ أَنَّهُ بَعْدَ تَسْبِيحِ أَوَّلِ رُكُوعٍ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ، إلَّا إنْ نَوَى اسْتِئْنَافَ الْقُدْوَةِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَصِيرَ فِي التَّسْبِيحَاتِ مُنْفَرِدًا وَبَعْدَهَا مَأْمُومًا وَيَصِيرَ مُنْفَرِدًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا، وَلَا يَعُودُ بَعْدَهَا لِلْقُدْوَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ انْتَهَى. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ مُنْفَرِدًا بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي التَّسْبِيحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا) هُوَ رَدٌّ لِتَعْلِيلِ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا) وَذَلِكَ فِي الْمُعَادَةِ الَّتِي قَصَدَ بِفِعْلِهَا تَحْصِيلَ الْفَضِيلَةِ، بِخِلَافِ مَا قَصَدَ بِهَا جَبْرَ الْخَلَلِ فِي الْأُولَى كَالْمُعَادَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهَا فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا لَيْسَتْ شَرْطًا (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مَا يَشْمَلُ الظَّنُّ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ لِإِحْرَامِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ إذَا ظَنَّ عَدَمَهَا لَمْ يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالنِّيَّةُ يَضُرُّ مَعَهَا الِاحْتِمَالُ، وَهُنَاكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَذْكُورُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ إلَخْ انْتَهَتْ.

وَوَجْهُ عِلْمِ ضَعْفِهِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ فِي صُورَةِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَحْضَرْ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَاضِرِ حَتَّى رَتَّبَ عَلَيْهِ إشْكَالُهُ الَّذِي مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا ادَّعَاهُ هَذَا الْجَمْعُ لَمْ يَتَأَتَّ إشْكَالٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ التَّكْبِيرِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ: وَخَرَجَ بِمَنْعِ التَّكْبِيرِ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ لِمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مِنْ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ وُجُودُهَا مَعَ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ، قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي الْأَثْنَاءِ، فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَابَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ عِنْدَ تَرْكِ النِّيَّةِ رَأْسًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ افْتَرَقَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الِافْتِرَاقَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّحِيحِ، وَمُقَابِلِهِ يَقُولُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ أَمَّا فِيهَا فَتَبْطُلُ بِاتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِالصَّحِيحِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي الصَّحِيحُ وَمُقَابِلُهُ هُنَا مُفَرَّعَانِ عَلَيْهِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>